ومحل الجملة النصب على الحال . أي : يصر مثل غير السامع " وإذا " بلغه شيء من آياتنا وعلم أنه منها " اتخذها " أي اتخذ الآيات " هزوا " ولم يقل : اتخذه للإشعار بأنه إذا أحس بشيء من الكلام أنه من جملة الآيات التي أنزلها الله تعالى على محمد A : خاض في الاستهزاء بجميع الآيات . ولم يقتصر على الاستهزاء بما بلغه ويحتمل : وإذا علم من آياتنا شيئا يمكن أن يتشبث به المعاند ويجد له محملا يتسلق به على الطعن والغميزة افترصه واتخذ آيات الله هزوا وذلك نحو افتراص ابن الزبعري قوله D : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم " الأنبياء : 98 ، ومغالطته رسول الله A وقوله : خصتمك . ويجوز أن يرجع الضمير إلى شيء ؟ لأنه في معنى الآية كقول أبي العتاهية : .
نفسي بشيء من الدنيا معلقة ... ألله والقائم المهدي يكفيها .
حيث أراد عتبة . وقرئ : علم أولئك إشارة إلى كل أفاك أثيم لشموله الأفاكين . والوراء اسم للجهة التي يواريها الشخص من خلف أو قدام . قال : .
أليس ورائي أن تراخت منيتي ... أدب مع الولدان أزحف كالنسر .
ومنه قوله D : " من ورائهم " أي من قدامهم " ما كسبوا " من الأموال في رحلهم ومتاجرهم " ولا ما اتخذوا من دون الله " من الأوثان .
" هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم " .
" هذا " إشارة إلى القرآن يدل عليه قوله تعالى : " والذين كفروا بآيات ربهم " لأن آيات ربهم هي القرآن أي هذا القرآن كامل في الهداية كما تقول : زيد رجل تريد كامل في الرجولية . وأيما رجل . والرجز : أشد العذاب . وقرئ بجر أليم ورفعه .
" الله الذي سخر لكم البحر لتجري الفلك فيه بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " .
" ولتبتغوا من فضله " بالتجارة أو بالغوص على اللؤلؤ والمرجان واستخراج اللحم الطري وغير ذلك من منافع البحر . فإن قلت : ما معنى " منه " في قوله : " جميعا منه " وما موقعها من الإعراب قلت : هي واقعة موقع الحال والمعنى : أنه سخر هذه الأشياء كائنة منه وحاصلة من عنده يعني : أنه مكونها وموجدها بقدرته وحكمته ثم مسخرها لخلقه . ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محفوف تقديره : هي جميعا منه وأن يكون " وسخر لكم " تأكيدا لقوله تعالى : " وسخر لكم " ثم ابتدئ قوله : " ما في السموات وما في الأرض جميعا منه " وأن يكون " ما في الأرض " مبتدأ و " منه " خبره وقرأ ابن عباس Bهما منة وقرأ سلمة بن محارب : منه على أن يكون منه فاعل سخر على الإسناد المجازي . أو على أنه خبر مبتدأ محفوف أي : ذلك . أو هو منه .
" قل للذين آمنوا يغفرون للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون " .
حذف المقول لأن الجواب لحال عليه . والمعنى : قل لهم اغفروا يغفروا " لا يرجون أيام الله " لا يتوقعون وقائع الله بأعدائه من قولهم لوقائع العرب : أيام العرب . وقيل : لا يأملون الأوقات التي وقتها الله لثواب المؤمنين ووعدهم الفوز فيها . قيل : نزلت قبل آية القتال ثم نسخ حكمها . وقيل : نزولها في عمر Bه وقد شتمه رجل من كفار فهتم أن يبطش به وعن سعيد بن المسيب : كنا بين يدي عمر بن الخطاب Bه فقرأ قارئ هذه الآية فقال عمر : ليجزى عمر بما صنع " ليجزى " تعليل الأمر بالمغفرة أي : إنما أمروا بأن يغفروا لما أراده الله من توفيتهم جزاء مغفرتهم يوم القيامة .
فإن قلت : قوله : " قوما " ما وجه تنكيره وإنما أراد الذين آمنوا وهم معارف . قلت : هو مدح لهم وثناء عليهم كأنه قيل : ليجزي أيما قوم وقوما مخصوصين لصبرهم وإغضائهم على أذى أعدائهم من الكفار وعلى ما كانوا يجرعونهم من الغصص " بما كانوا يكسبون " من الثواب العظيم بكظم الغيظ واحتمال المكروه ومعنى قول عمر : ليجزى عمر بما صنع : ليجزى بصبره واحتماله . وقوله لرسول الله A عند نزول الآية : والذي بعثك بالحق لا ترى الغضب في وجهي . وقرئ ليجزى قوما أي : الله عز رجل . وليجزي قوم . وليجزى قوما على معنى : وليجزي الجزاء قوما