" هؤلاء " إشارة إلى كفار قريش فإن قلت : كان الكلام واقعا في الحياة الثانية لا في الموت فهلا قيل : إن هي إلا حياتنا الأولى وما نحن بمنشرين . كما قيل : " إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين " الأنعام : 29 ، ؟ وما معنى قوله : " " إن هي إلا موتتنا الأولى " ؟ وما معنى ذكر الأولى . كأنهم وعدوا موتة أخرى حتى نفوها وجحدوها وأثبتوا الأولى ؟ قلت : معناه والله الموفق للصواب : أنه قيل لهم : إنكم تموتون موتة تتعقبها حياة كما تقدمتكم موتة قد تعقبتها حياة وذلك قوله D : " وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم " البقرة : 28 ، فقالوا : " إن هي إلا موتتنا الأولى " يريدون : ما الموتة التي من شأنها أن يتعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الموتة الثانية وما هذه الصفة التي تصفون بها الموتة من تعقب الحياة لها إلا للموتة الأولى خاصة فلا فرق إذا بين هذا وبين قوله : " إن هي إلا حياتنا الدنيا " في المعنى . يقال : أنشر الله الموتى ونشرهم : إذا بعثهم " فأتوا بآبائنا " هذا خطاب للذين كانوا يعدونهم النشور : من رسول الله A والمؤمنين أي : إن صدقتم فيما تقولون فعجلوا لنا إحياء من مات من آبائنا بسؤالكم ربكم ذلك حتى يكون دليلا على أن ما تعدونه من قيام الساعة وبعث الموتى حق وقيل كانوا يطلبون إليهم أن يدعوا الله فينشر لهم قصي بن كلاب ليشاوروه فإنه كان كبيرهم ومشاورهم في النوازل ومعاظم الشؤون .
" أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم كانوا مجرمين " .
هو تبع الحميري : كان مؤمنا وقومه كافرين ولذلك ذم الله قومه ولم يذمه وهو الذي سار بالجيوش وحير الحيرة وبنى سمرقند . وقيل : هدمها وكان إذا كتب قال : بسم الله الذي ملك بزا وبحرا . وعن النبي A : " لا تسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم " وعنه E : " ما أدري أكان تبع نبيا أو غير نبي " وعن ابن عباس Bهما : كان نبيا . وقيل : نظر إلى قبرين بناحية حمير قال : هذا قبر رضوي وقبر حبى بنتي تبع لا تشركان بالله شيئا . وقيل : هو الذي كسا البيت . وقيل لملوك اليمن : التبابعة لأنهم يتبعون كما قيل : الأقيال لأنهم يتقيلون وسمي الظل تبعا لأنه يتبع الشمس . فإن قلت : ما معنى قوله تعالى : " أهم خير " ولا خير في الفريقين . قلت : معناه أهم خير في القوة والمنعة كقوله تعالى : " أكفاركم خير من أولئكم " القمر : 43 ، بعد ذكر آل فرعون . وفي تفسير ابن عباس Bهما : أهم أشد أم قوم تبع .
" وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين وما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون إن يوم الفصل كان ميقاتهم أجمعين يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولا هم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم " .
" وما بينهما " وما بين الجنسين . وقرأ عبيد بن عمير : وما بينهن . وقرأ ميقاتهم بالنصب على أنه اسم إن ويوم الفصل خبرها أي : إن ميعاد حسابهم وجزائهم في يوم الفصل " لا يغني مولى " أي مولى كان من قرابة أو غيرها " عن مولى " عن أي مولى كان " شيئا " من إغناء . أي : قليلا منه " ولا هم ينصرون " الضمير للموالي لأنهم في المعنى كثير لتناول اللفظ على الإبهام والشياع كل مولى " إلا من رحم الله " في محل الرفع على البدل من الواو في " ينصرون " أي : لا يمنع من العذاب إلا من C . ويجوز أن ينتصب على الاستثناء " إنه هو العزيز " لا ينصر منه من عصاه " الرحيم " لمن أطاعه .
" إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم به تمترون "