عرفوا في ذلك من المصالح وحرصا على نجاة الخلق وطمعا في توبة الكفار والفساق منهم . وا في ذلك من المصالح وحرصا على نجاة الخلق وطمعا في توبة الكفار والفساق منهم .
" والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل " .
" والذين اتخذوا من دونه أولياء " جعلوا له شركاء وأندادا " الله حفيظ عليهم " رقيب على أحوالهم وأعمالهم وأعمالهم لا يفوته منها شيء وهو محاسبهم عليها ومعاقبهم لا رقيب عليهم إلا هو وحده " وما أنت " يا محمد بموكل بهم ولا مفوض إليك أمرهم ولا قسرهم على الإيمان . إنما أنت منذر فحسب .
" وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير " .
ومثل ذلك " أوحينا إليك " وذلك إشارة إلى معنى الآية قبلها : من أن الله تعالى هو الرقيب عليهم وما أنت برقيب عليهم ولكن نذير لهم لأن هذا المعنى كرره الله في كتابه في مواضع جمة والكاف مفعول به لأوحينا . " قرآنا عربيا " حال من المفعول به أي أوحيناه إليك وهو قرآن عربي بين لا لبس فيه عليك لتفهم ما يقال لك ولا تتجاوز حد الإنذار . ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى مصدر أوحينا أي : ومثل ذلك الإيحاء البين المفهم أوحينا إليك قرآنا عربيا بلسانك " لتنذر " يقال : أنذرته كذا وأنذرته بكذا . وقد عدى الأول أعني : لتنذر أم القرى إلى المفعول الأول والثاني وهو قوله وتنذر يوم الجمع إلى المفعول الثاني " أم القرى " أهل أم القرى كقوله تعالى : " واسئل القرية " يوسف : 82 . " ومن حولها " من العرب . وقرئ لينذر بالياء والفعل للقرآن " يوم الجمع " يوم القيامة لأن الخلائق تجمع فيه . قال الله تعالى : " يوم يجمعكم ليوم الجمع " التغابن : 9 ، وقيل : يجمع بين الأرواح والأجساد . وقيل : يجمع بين كل عامل وعمله . و " لا ريب فيه " اعتراض لا محل له . قرئ فريق وفريق بالرفع والنصب فالرفع على : منهم فريق ومنهم فريق . والضمير للمجموعين لأن المعنى : يوم جمع الخلائق . والنصب على الحال منهم أي : متفرقين كقوله تعالى : " ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون " الروم : 14 ، . فإن قلت : كيف يكونون مجموعين متفرقين في حالة واحدة قلت : هم مجموعون في ذلك اليوم مع افتراقهم في لداري البؤس والنعيم كما يجتمع الناس يوم الجمعة متفرقين في مسجدين . وإن أريد بالجمع : جمعهم في الموقف فالتفرق على معنى مشارفتهم للتفرق .
" ولو شاء الله لجعلناهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير " .
" لجعلناهم أمة واحدة " أي مؤمنين كلهم على القسر والإكراه كقوله تعالى : " ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها " السجدة : 13 ، وقوله تعالى : " ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا " يونس : 99 ، والدليل على أن المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان . قوله : " أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " يونس : 99 ، وقوله تعالى : " فأنت تكره " يونس : 99 ، بإدخال همزة الإنكار على المكره دون فعله . دليل على أن الله وحده هو القادر على هذا الإكراه دون غيره . والمعنى : ولو شاء ربك مشيئة قدرة لقسرهم جميعا على الإيمان ولكنه شاء مشيئة حكمه فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون ليدخل المؤمنين في رحمته وهم المرادون بمن يشاء . ألا ترى إلى وضعهم في مقابلة الظالمين ويترك الظالمين بغير ولي ولا نصير في عذابه .
" أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحي الموتى وهو على كل شيء قدير " .
معنى الهمزة في " أم " الإنكار أفالمحه هو انولى هو الفي يجب أن يتولى وحده ويعتقد أنه المولى والسيد فالفاء في قوله : " فالله هو الولي " جواب شرط مقدر كأنه قيل بعد إنكار كل ولي سواه : إن أراعوا وليا بحق فالله هو الولي بالحق لا ولي سواه " وهو يحي " أي : ومن شأن هذا الولي أنه يحيى " الموتى وهو على كل شيء قدير " فهو الحقيق بأن يتخذ وليا دون من لا يقدر على شيء .
" وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب "