" يريكم آياته " من الريح والسحاب والرعد والبرق والصواعق ونحوها . والرزق : المطر لأنه سببه " وما يتذكر إلا من ينيب " وما يتعظ وما يعتبر بآيات الله إلا من يتوب من الشرك ويرجع إلى الله فإن المعاند لا سبيل إلى تذكره واتعاظه ثم قال للمنيبين " فادعوا الله " أي : اعبدوه " مخلصين له الدين " من الشرك وإن غاظ ذلك أعداءكم ممن ليس على دينكم . " رفيع الدرجات ذو العرش يلقى الروح " ثلاثة أخبار لقوله : هو مترتبة على قوله : " الذي يريكم " أو أخبار مبتدأ محذوف وهي مختلفة تعريفا وتنكيرا . وقرئ : " رفيع الدرجات " بالنصب على المدح . ورفيع الدرجات كقوله تعالى : " ذي المعارج " المعارج : 3 ، وهي مصاعد الملائكة إلى أن تبلغ العرش وهي دليل على عزته وملكوته . وعن ابن جبير : سماء فوق سماء . والعرش فوقهن . ويجوز أن يكون عبارة عن رفعة شأنه وعلو سلطانه كما أن ذا العرش عبارة عن ملكه وقيل : هي درجات ثوابه التي ينزلها أولياءه في الجنة " الروح من أمره " الذي هو سبب الحياة من أمره يريد : الوحي الذي هو أمر بالخير وبعث عليه فاستعار له الروح كما قال تعالى : " أو من كان ميتا فأحييناه " الأنعام : 122 ، " لينذر " الله . أو الملقى عليه : وهو الرسول أو الروح . وقرئ : " لتنذر " أي : لتنذر الروح لأنها تؤنث أو على خطاب الرسول . وقرئ : " لينذر يوم التلاق " على البناء للمفعول " يوم التلاق " يوم القيامة لأن الخلائق تلتقي فيه . وقيل : يلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض . وقيل : المعبود والعابد " يوم هم بارزون " ظاهرون لا يسترهم شيء من جبل أو أكمة أو بناء لأن الأرض بارزة قاع صفصف ولا عليهم ثياب إنما هم عراة مكشوفون كما جاء في الحديث : " تحشرون عراة حفاة عزلا " " لا يخفى على الله منهم شيء " أي : من أعمالهم وأحوالهم . وعن ابن مسعود Bه : لا يخفى عليه منهم شيء . فإن قلت : قوله : " لا يخفى على الله منهم شيء " بيان وتقرير لبروزهم والله تعالى لا يخفى عليه منهم شيء برزوا أو لم يبرزوا فما معناه . قلت : معناه أنهم كانوا يتوهمون في الدنيا إذا استتروا بالحيطان والحجب : أن الله لا يراهم ويخفى عليه أعمالهم فهم اليوم صائرون من البروز والانكشاف إلى حال لا يتوهمون فيها مثل ما كانوا يتوهمونه . قال الله تعالى : " ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون " فصلت : 22 ، وقال تعالى : " يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله " النساء : 108 ، وذلك لعلمهم أن الناس يبصرونهم وظنهم أن الله لا يبصرهم وهو معنى قوله : " وبرزوا لله الواحد القهار " إبراهيم : 48 ، " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " حكاية لما يسأل عنه في ذلك اليوم ولما يجاب به . ومعناه : أنه ينادي مناد فيقول : لمن الملك اليوم ؟ فيجيبه أهل المحشر : لله الواحد القهار . وقيل : يجمع الله الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط " فأول ما يتكلم به أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار . اليوم تجزى كل نفس 000 " الآية . فهذا يقتضي أن يكون المنادي هو المجيب .
" اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب " .
لما قرر أن الملك لله وحده في ذلك اليوم عدد نتائج ذلك وهي أن كل نفس تجزى ما كسبت وأن الظلم مأمون لأن الله ليس بظلام للعبيد وأن الحساب لا يبطئ لأن الله لا يشغله حساب على حساب فيحاسب الخلق كله في وقت واحد وهو أسرع الحاسبين . وعن ابن عباس Bهما : إذا أخذ في حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها ولا أهل النار إلا فيها .
" وأنذرهم يوم الأزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع "