ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في محشرهم ولا في مسيرهم ؛ وكأني بأهل لا إله إلا الله يخرجون من قبورهم وهم ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولن الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وذكر الشكور : دليل على أن القوم كثير والحسنات المقامة : بمعنى الإقامة يقال : أقمت إقامة ومقاما ومقامة " من فضله " من عطائه وإفضاله من قولهم : لفلان فضول على قومه وفواضل وليس من الفضل الذي هو التفضل ؛ لأن الثواب بمنزلة الأجر المستحق والتفضيل كالتبرع . وقرئ : لغوب بالفتح : وهو اسم ما يلغب منه أي : لا تتحكلف عملا يلغبنا : أو مصدر كالقبول والولوغ أو صفة للمصدر كأنه لغوب لغوب كقولك : موت مائت فإن قلت : ما الفرق بين النصب واللغوب ؟ قلت : النصب التعب والمشقة التي تصيب المنتصب للأمر المزاول له . وأما اللغوب فما يلحقه من الفتور بسبب النصب فالنصب نفس الكشقة والكلفة . واللغوب : نتيجة وما يحدث منه من الكلال والفترة .
" والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها كذلك نجزي كل كفور وهم يسترخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير " " فيموتوا " جواب النفي ونصبه بإضمار أن : وقرئ : فيموتون عطفا على يقضي وإدخالا له في حكم النفي أي : لا يقضي عليهم الموت فلا يموتون كقوله تعالى : " ولا يؤذن لهم فيعتذرون " المرسلات : 36 ، " كذلك " مثل ذلك الجزاء " نجري " وقرئ : يجارى . ونجزي " كل كفور " بالنون " يسترخون " يتصارخون : يفتعلون من الصراخ وهو الصياح بجهد وشدة . قال : كصرخة حبلى أسلمتها قبيلها واستعمل في الاستغاثة لجهد المستغيث صوته . فإن قلت : هلا اكتفى بصالحا كما اكتفى به في قوله تعالى : " فارجعنا نعمل صالحا " السجدة : 12 وما فائدة زيادة " غير الذي كنا نعمل " على أنه على أنه يؤذن أنهم يعلمون صالحا آخر غير الصالح الذي عملوه ؟ قلت : فائدة زيادة التحسر على ما عملوه من غير الصالح مع الاعتراف به . وأما الوهم فزائل لظهور حالهم في الكفر وركوب المعاصي لأنهم كانوا يحسبون أنهم على سيرة صالحة كما قال الله تعالى : " وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " الكهف : 104 فقالوا : أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نحيبه صالحا فنعمله " أولم نعمركم " توبيخ من الله يعني : فنقول لهم . وقرئ : وما يذكر فيه من أذكر على الإدغام وهو متناول لكل عمر تمكن فيه المكلف من إصلاح شأنه وإن قصر ؛ إلا أن التوبيخ في المتطاول أعظم . وعن النبي A : العمر الذي أعذر الله فيه إلى ابن آدم ستون سنة . وعن مجاهد : ما بين العشرين إلى الستين . وقيل : ثماني عشرة وسبع عشرة و " النذير " الرسول A . وقيل : الشيب . وقرئ : وجاءتكم النذر فإن قلت : علام عطف وجاءكم النذير ؟ قلت : على معنى : أو لم نعمركم ؛ لأن لفظه لفظ استخبار . ومعناه معنى إخبار كأنه قيل : قد عمرناكم وجاءكم النذير .
" إن الله عالم غيب السموات والأرض إنه عليم بذات الصدور " " إنه عليم بذات الصدور " كالتعليل لأنه إذا علم مافي الصدور وهو أخفى ما يكوهن فقد علم كل غيب في العالم وذات الصدور : مضمراتها وهي تأنيث ذو في محو قول أبي بكر Bه : ذو بطن خارجة جارية وقوله : لتغني عني ذا إنائك أجمعا المعنى ما في بطنها من الحبل وما في إنائك من الشراب ؛ لأن الحبل والشراب يصحبان البطن والإناء . ألا ترى إلى قولهم : معها حبل وكذلك المضمرات تصحب الصدور وهي معها وذو : موضوع لمعنى الصحبة .
" هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد كفرهم إلا خسارا "