قرئ : فلما قضى عليه الموت ودابة الأرض : الأرضة وهي الدويبة التي يقال لها السرفة والأرض فعلها فأضيف إليه . يقال : أرضت الخشية أرضا . إذا أكلتها الأرضة . وقرئ بفتح الراء من أرضت الخشبة أرضا وهو من باب فعلته ففعل كقولك : أكلت القوادح الأسنان أكلا . فأكلت أكلا والمنسأة : العصا . لأنه ينسأ بها أي : يطرد ويؤخر وقرئ : بفتح الميم وبتخفيف الهمزة قلبا وحذفا وكلاهما ليس بقياس ولكم إخراج الهمزة بين بين هو التخفيف القياسي . ومنساءته على مفعالة كما يقال في الميضأة ميضاءة . ومن سأته أي : من طرف عصاه سميت بسأة القوس على الاستعارة وفيها لغتان كقولهم : قحة وقحة وقرئ : أكلت منسأته " تبينت الجتن " من تبين الشيء إذا ظهر وتجلى . و " أن " مع صلتها بدل من الجن بدل الاشتمال كقولك : تبين زيد جهله : والظهور له في المعنى أي ظهر أن الجن " لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب " لو علم الجن لكهم علما بينا - بعد التباس الأمر على عامتهم وضعقتهم وتوهمهم - أن كبارهم يصدقون في ادعائهم علم الغيب أو علم المدعون علم الغيب منهم عجزهم وأنهم لا يعلمون الغيب وإن كانوا عالمين قبل ذلك بحالهم وإنما أريد التهكم بهم كما تتهكم بمدعي الباطل إذا دخضت حجته وظهر إبطاله بقولك : هل تبينت أنك مبطل . وأنت تعلم أنه لم يزل كذلك متبينا . وقرئ : تبينت الجن على البناء للمفعول على أن المتبين في المعنى هو " أن " مع ما في صلتها لأنه بدل . وفي قراءة أبي : تبينت الإنس . وعن الضحاك : تباينت الأنس بمعنى تعارفت وتعالمت وتعالمت . والضمير في " كانوا " للجن في قوله : " ومن الجن من يعمل بين يديه " أي علمت الإنس أن لو كان الجن يصدقون فيما يوهمونها من علمهم الغيب ؛ ما لبثوا . وفي قراءة ابن مسود Bه : نبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب . روي أنه كان من عادة سليمان عليه السلام أن يعتكف في مسجد بين المقدس المدد الطوال فلما دنا أجله لم يصبح إلا رأى في محرابه شجرة نابته فد أنطقها الله فيسألها : لأي شيء أنت ؟ فتقول لكذا حتى أصبح ذات يوم فرأى الخروبة فسألها فقالت : نبت لخراب هذا المسجد : فقال : ما كان الله ليخرجه وأنا حي أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بين المقدس فنزعها وغرسها في حائط له وقال : اللهم عم عن الجن موتي حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب . لأنهم كانوا يسترقون السمع ويموهون على الإنس أنهم يعلمون الغيب وقال لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني فقال : أمرت بك وقد بقيت من عمرك ساعة ؛ فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلي متكئا على عصاه فقبض روحه وهو متكئ عليها ؛ وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه أينما صلى فلم يكن شيطان ينظر إليه في صلاته إلا احترق فمر به شيطان فلم يسمع صوته ثم رجع فلم يسمع فنظر فإذا سليمان قد خر ميتا ففتحوا عنه فإذا العصا فأكلتها الأرضة فأرادوا أن يعرفوا وقت موته فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها في يوم وليلة مقدارا فحسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة وكانوا يعلمون بين يديه ويحسبونه حيا فأيقن الناس أنهم لو علموا الغيب لما لبثوا في العذاب سنة وروي أن داود عليه السلام أسس بناء بيت المقدس في موضع فسطاط موسى عليه السلام فمات قبل أن يتمه فوصى به إلى سليمان فأمر الشياطين بإتمامه فلما بقي من عمره سنة سأل أن يعمى عليهم موته حتى يفرغوا منه ليبطل دعواهم علم الغيب . روي أن أفريدون جاء ليصعد كرسيه فلما دنا ضرب الأسدان ساقه فكسراها ؛ فلم يجسر أحد بعد أن يدنوا منه وكان عمر سليمان ثلاثا وخمسين سنة : ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة فبقي في ملكه أربعين سنة وابتدأ بناء بيت المقدس لأربع مضين من ملكه .
" لقد كان لسبأ في مسكنهم ءاية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجري إلا الكفور "