ذكر الله على فم كل مسلم . وروي : في قلب كل مسلم . وعن قتادة : قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وعن مجاهد : هذه كلمات يقولها الطاهر والجنب . والفعلان : أعني اذكروا وسبحوا موجهان إلى البكرة والأصيل كقولك : صم وصل يوم الجمعة والتسبيح من جملة الذكر وإنما اختصه من بين أنواعه اختنصاص جبريل وميكائيل من بين الملائكة ليبين فضله عن سائر الأذكار لأن معناه تنزيه ذاته عما لا يجوز عليه من الصفات والأفعال وتبرئته من القبائح . ومثال فضله على غيره من الإذكار فضل وصف العبد بالنزاهة من أدناس المعاصي والطهر من أرجاس المآثم على سائر أوصافه من كثرة الصلاة والصيام والتوفر على الطابعات كلها والاشتمال على العلوم والاشتهار بالفضائل ويجوز أن يريد بالذكر وإكثاره : تكثير والإقبال على العادات ؛ فإن كل طاعة وكل خير من جملة الذكر ثم خص من ذلك التسبيح بكرة وأصيلا وخهي الصلاة في جميع أوقاتها لفضل الصلاة على غيرها . أو صلاة الفجر والعشاءين ؛ لأن أداءها أشق ومراعاتها أشد .
" هو الذي يصلي عليكم ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما " لما كان منشأن المصلي أن ينعطف في ركوعه وسجوده استعير لمن ينعطف على غيره حنوا عليه وترؤفا . كعائدة المريض في انعطافه عليه والمرأة في حنوها على ولدها ثم كثر حتى استعمل في الرحمة والترؤف ومنه قولهم : صلى الله عليك أي ترحم عليك وترأف . فإن قلت قوله : " هو الذي يصلي عليكم " إن فسرته بيترحم عليكم ويترأف فما تصنع بقوله : " وملائكته " وما معنى صلاتهم ؟ قلت : هي قولهم : اللهم صل على المؤمنين جعلوا لكونهم مستجابي الدعوة كأنهم فاعلون الرحمة والرأفة . ونظيره قوله : حياك الله أي حياك وأبقاك وحييتك أي : دعوت لك بأن يحييك الله ؛ لأنك لا تكالك على إجابة دعوتك كأنك تبقيه على الحقيقة وكذلك : عمرك الله وعمرتك وسقاك الله وسقيتك وعليه قوله تعالى : " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه " الأحزاب : 56 أي ادعوا الله بأن يصلي عليه . والمعنى : هو الذي يترحم عليكم ويترأف : حيث يدعوكم إلى الخير ويأمركم بإكثار الذكر والتوفر على الصلاة والطاعة " ليخرجكم " من ظلمات المعصية إلى نور الطاعة " وكان بالمؤمنين رحيما " دليل على أن المراد بالصلاة الرحمة . ويروي أنه لما نزل قوله تعالى : " إن الله وملائكته يصلون على النبي " الأحزاب : 56 قال أبو بكر Bه : ما خصك يا رسول الله بشرف إلا وقد أشركنا فيه فأنزلت تحيتهم " من إضافة المصدر إلى المفعول أي : يحيون يوم لقائه بسلام . فيجوز أن يعظمهم الله بسلامه عليهم كما يفعل بهم سائر أنواع التعظيم وأن يكون مثلا كاللقاء على ما فسرنا . وقيل : هو سلام ملك الموت والملائكة معه عليهم وبشارتهم بالجنة . وقيل : سلام الملائكة عند الخروج من القبور . وقيل : عند دخول الجنة كما قال : " والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم " الرعد : 23 - 24 والأجر الكريم : الجنة .
" يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذانه وسراجا منيرا "