تأمل قوله فالق الإصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم .
أنظر إلى هذه الكلمات الأربع التي ألف بينها واحتج بها على ظهور قدرته ونفاذ أمره أليس كل كلمة منها في نفسها غرة وبمنفردها درة .
وهو مع ذلك يبين أنه يصدر عن علو الأمر ونفاذ القهر ويتجلى في بهجة القدرة ويتحلى بخالصة العزة ن ويجمع السلاسة إلى الرصانة والسلامة إلى المتانة والرونق الصافي والبهاء الضافي .
ولست أقوال إنه شمل الإطباق المليح والإيجاز اللطيف والتعديل والتمثيل والتقريب والتشكيل وإن كان قد جمع ذلك وأكثر منه لأن العجيب ما بينا من انفراد كل كلمة بنفسها حتى تصلح أن تكون عين رسالة أو خطبة أو وجه قصيدة أو فقرة فإذا ألفت ازدادت به حسنا وإحسانا وزادتك إذا تأملت معرفة وإيمانا .
ثم تأمل قوله وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم .
هل تجد كل لفظة وهل تعلم كل كلمة تستقل بالاشتمال على نهاية البديع وتتضمن شرط القول البليغ .
فإذا كانت الآية تنتظم من البديع وتتألف من البلاغات فكيف لا تفوت