تحمل العذارى رحله وليس في هذا تعجب كبير ولا في نحر الناقة لهن تعجب .
وإن كان يعني به أنهن حملن رحله وأن بعضهن حمله فعبر عن نفسه برحله فهذا قليلا يشبه أن يكون عجبا لكن الكلام لا يدل عليه ويتجافى عنه .
ولو سلم البيت من العيب لم يكن فيه شيء غريب ولا معنى بديع أكثر من سفاهته مع قلة معناه وتقارب أمره ومشاكلته طبع المتأخرين من أهل زماننا .
والى هذا الموضع لم يمر له بيت رائع وكلام رائق .
وأما البيت الثاني فيعدونه حسنا ويعدون التشبيه مليحا واقعا وفيه شيء وذلك انه عرف اللحم ونكر الشحم فلا يعلم انه وصف شحمها وذكر تشبيه أحدهما بشيء واقع للعامة ويجري على ألسنتهم وعجز عن تشبيه القسمة الأولى فمرت مرسلة وهذا نقص في الصنعة وعجز عن إعطاء الكلام حقه .
وفيه شيء آخر من جهة المعنى وهو انه وصف طعامه الذي أطعم من أضاف بالجودة وهذا قد يعاب وقد يقال إن العرب تفتخر بذلك ولا يرونه عيبا وإنما الفرس هم الذين يرون هذا عيبا شنيعا .
وأما تشبيه الشحم بالدمقس فشيء يقع للعامة ويجري على ألسنتهم فليس بشيء قد سبق إليه وإنما زاد المفتل للقافية وهذا مفيد ومع ذلك فلست أعلم العامة تذكر هذه الزيادة ولم يعد أهل الصنعة ذلك من البديع ورأوه قريبا وفيه شيء آخر من جهة المعنى وهو أن تبجحه بما أطعم للأحباب مذموم وإن سوغ التبجح بما أطعم للأضياف إلا أن