الثاني أنه وضع براءة هنا لمناسبة الطول فإنه ليس في القرآن بعد الأعراف أنسب ليونس طولا منها وذلك كاف في المناسبة .
الثالث أنه خلل بالسورتين الأنفال وبراءة أثناء السبع الطوال المعلوم ترتيبها في العصر الأول للإشارة إلى أن ذلك أمر صادر لا عن توقيف وإلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قبض قبل أن يبين محلها فوضعا كالموضع المستعار بين السبع الطوال بخلاف ما لو وضعتا بعد السبع الطوال فإنه كان يوهم أن ذلك محلهما بتوقيف وترتيب السبع الطوال يرشد إلى دفع هذا الوهم .
فانظر إلى هذه الدقيقة التي فتح الله بها ولا يغوص عليها إلا غواص .
الرابع أنه لو أخرهما وقدم يونس وأتى بعد براءة بهود كما في مصحف أبي بن كعب لمراعاة مناسبة السبع الطوال وإيلاء بعضها بعضا لفات مع ما أشرنا إليه أمر آخر آكد في المناسبة فإن الأولى بسورة يونس أن تولى بالسور الخمس التي بعدها لما اشتركت فيه من الاشتمال على القصص ومن الافتتاح بالذكر وبذكر الكتاب ومن كونها مكيات ومن تناسب ما عدا الحجر في المقدار وبالتسمية باسم نبي والرعد اسم ملك وهو مناسب لأسماء الأنبياء .
فهذه ستة وجوه في مناسبة الاتصال بين يونس وما بعدها وهي آكد من ذلك الوجه السابق في تقديم يونس بعد الأعراف .
ولبعض هذه الأمور قدمت سورة الحجر على النحل مع كونها أقصر منها