وجه التعليم ليعتاده وليمرن عليه لقول تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا قيل في التفسير أدبوهم وعلموهم وقد روي عن النبي ص - أنه قال مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وليس ذلك على وجه التكليف وإنما هو على وجه التعليم والتأديب وأما الإسلام فإنما كان شرطا في صحة فعله لقوله لئن أشركت ليحبطن عملك فلا تصح له قربة إلا على شرط كونه مؤمنا وأما العقل فإن فقدت معه النية والإرادة فإنما ينفي عنه صحة الصوم لعدم النية فإن وجدت منه النية من الليل ثم عزب عقله لم ينف ذلك صحة صومه وإنما قلنا إن النية شرط في صحة الصوم من قبل أنه لا يكون صوما شرعيا إلا بأن يكون فاعله متقربا به إلى الله D ولا تصح القربة إلا بالنية والقصد لها قال الله تعالى لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم فأخبر D أن شرط التقوى تحري موافقة أمره ولما كان الشرط كونه متقيا فعل الصوم من المفروض لم يحصل له ذلك إلا بالنية لأن التقوى لا تحصل له إلا بتحري موافقة أمر الله والقصد إليه وقال تعالى وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ولا يكون إخلاص الدين له إلا بقصده به إليه راغبا عن أن يريد به غيره فهذه أصول في تعلق صحة الفروض بالنيات ولا خلاف بين المسلمين في أن من شرط الصلاة والزكاة والحج والكفارات إيجاد النية لها لأنها فروض مقصودة لأعينها فكان حكم الصوم حكمها لهذه العلة بعينها فإن قيل جميع ما استدللت به على كون النية شرطا في الصوم وفي سائر الفروض يلزمك شرط النية في الطهارة إذ كانت فرضا من الفروض قيل له ليس ذلك على ما ظننت لأن الطهارة ليست فرضا مقصودا لعينها وإنما المقصود غيرها وهي شرط فيه فقيل لنا لا تصلوا إلا بطهارة كما قيل لا تصلوا إلا بطهارة من نجاسة ولا تصلوا إلا بستر العورة فليست هذه الأشياء مفروضة لأنفسها فلم يلزم إيجاد النية لها ألا ترى أن النية نفسها لما كانت شرطا لغيرها ولم تكن مفروضة لنفسها صحة بغير نية توجد لها فانفصل بما ذكرنا حكم الفروض المقصودة لأعيانها وحكم ما جعل منها شرطا لغيره وليس هو بمفروض لنفسه فلما كانت الطهارة بالماء شرطا لغيرها وليست أيضا ببدل عن سواها لم يلزم فيها النية ولا يلزم على هذا إيجابنا النية في التيمم لأنه بدل عن غيره فلا يكون طهورا إلا بإنضمام النية إليه إذ ليس هو طهورا في نفسه بل هو بدل عن غيره ولم يختلف الأمة في أن كل صوم واجب في الذمة فشرط صحته