ذلك ورب الكعبة وأفتى السائل عن ذلك بالإفطار فلما أخبر برواية عائشة وأم سلمة تبرأ من عهدته وقال لا علم لي بهذا إنما أخبرني به الفضل وقد روي عن أبي هريرة الرجوع عن فتياه بذلك حدثنا عبدالباقي قال حدثنا إسمعيل بن الفضل قال حدثنا ابن شبابة قال حدثنا عمرو بن الهيثم قال حدثنا هشام عن قتادة عن سعيد بن المسيب أن أبا هريرة رجع عن الذي كان يفتي من أصبح جنبا فلا يصوم وعلى أنه لو ثبت خبر أبي هريرة احتمل أن لا يكون معارضا لرواية عائشة وأم سلمة بأن يريد من أصبح على موجب الجنابة أن يصبح مخالطا لامرأته ومتى أمكننا تصحيح الخبرين واستعمالهما معا استعملناهما على ما أمكن من غير تعارض فإن قيل جائز أن يكون رواية عائشة وأم سلمة مستعملة فيما وردت بأن يكون النبي ص - مخصوصا بذلك دون أمته لأنهما أضافتا ذلك إلى فعله وخبر أبي هريرة مستعمل في سائر الناس قيل له قد عقل أبو هريرة من روايته مساواة النبي ص - لغيره في هذا الحكم لأنه قال حين سمع رواية عائشة وأم سلمة لا علم لي بهذا وإنما أخبرني به الفضل بن العباس ولم يقل إن رواية هاتين المرأتين غير معارضة لروايتي إذ كانت روايتهما مقصورة على حال النبي ص - وروايتي إنما هي في غيره من الناس فهذا يبطل تأويلك وأيضا فإنه ص - مساو للأمة في سائر الأحكام إلا ما خصه الله تعالى به وأفرده من الجملة بتوقيف للأمة عليه بقوله تعالى فاتبعوه وقوله لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة فهذه الأمور التي ذكرنا مما تعبدنا فيه بالإمساك عنه في نهار رمضان هي من الصوم المراد به في قوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل وقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه فهي إذا من الصوم اللغوي والشرعي جميعا وأما ما ليس بإمساك مما وصفنا فإنما هو من شرائطه ولا يكون الإمساك على الوجوه التي ذكرنا صوما شرعيا إلا بوجود هذه الشرائط وذلك الإسلام والبلوغ والنية وأن تكون المرأة غير حائض فمتى عدم شيء من هذه الشرائط خرج عن أن يكون صوما شرعيا وأما الإقامة والصحة فهما شرط صحة لزومه ووجود المرض والسفر لا ينافي صحة الصوم وإنما ينافي لزوم الصوم على جهة الوجوب ولو صاما لصح صومهما وإنما قلنا البلوغ شرط في صحة لزومه لقول النبي ص - رفع القلم عن ثلاث عن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يحتلم ولا خلاف أنه لا يلزمه سائر العبادات فكذلك الصوم وقد يؤمر به المراهق على