نبينا فآمن به فله أجران التاسع قال الخطابي في هذا الخبر دليل على أن النهي عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو إنما هو في حمل المصحف والسور الكثيرة دون الآية والآيتين ونحوهما وقال ابن بطال إنما فعله لأنه كان في أول الإسلام ولم يكن بد من الدعوة العامة وقد نهى وقال لا تسافر بالقرآن إلى أرض العدو وقال العلماء ولا يمكن المشركون من الدراهم التي فيها ذكر الله تعالى قلت كلام الخطابي أصوب لأنه يلزم من كلام ابن بطال النسخ ولا يلزم من كلام الخطابي والحديث محمول على ما إذا خيف وقوعه في أيدي الكفار العاشر فيه دعاء الكفار إلى الإسلام قبل قتالهم وهو واجب والقتال قبله حرام إن لم تكن بلغتهم الدعوة وإن كانت بلغتهم فالدعاء مستحب هذا مذهب الشافعي وفيه خلاف للجماعة ثلاثة مذاهب حكاها المازري والقاضي عياض أحدها يجب الإنذار مطلقا قاله مالك وغيره والثاني لا يجب مطلقا والثالث يجب إن لم تبلغهم الدعوة وإن بلغتهم فيستحب وبه قال نافع والحسن والثوري والليث والشافعي وابن المنذر قال النووي وهو قول أكثر العلماء وهو الصحيح قلت مذهب أبي حنيفة Bه أنه يستحب أن يدعو الإمام من بلغته مبالغة في الإنذار ولا يجب ذلك كمذهب الجمهور الحادي عشر فيه دليل على أن ذا الحسب أولى بالتقديم في أمور المسلمين ومهمات الدين والدنيا ولذلك جعلت الخلفاء من قريش لأنه أحوط من أن يدنسوا أحسابهم الثاني عشر فيه دليل لجمهور الأصوليين أن للأمر صيغة معروفة لأنه أتى بقول اعبدوا الله في جواب ما يأمركم وهو من أحسن الأدلة لأن أبا سفيان من أهل اللسان وكذلك الراوي عنه ابن عباس بل هو من أفصحهم وقد رواه عنه مقرا له ومذهب بعض أصحاب الشافعي أنه مشترك بين القول والفعل بالاشتراك اللفظي وقال آخرون بالاشتراك المعنوي وهو التواطؤ بأن يكون القدر المشترك بينهما على ما عرف في الأصول الثالث عشر قال بعض الشارحين استدل به بعض أصحابنا على جواز مس المحدث والكافر كتابا فيه آية أو آيات يسيرة من القرآن مع غير القرآن قلت قال صاحب الهداية قوله لا يقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن بإطلاقه يتناول ما دون الآية أراد أنه لا يجوز للحائض والنفساء والجنب قراءة ما دون الآية خلافا للطحاوي وخلافا لمالك في الحائض ثم قال وليس لهم مس المصحف إلا بغلافه ولا أخذ درهم فيه سورة من القرآن إلا بصرته ولا يمس المحدث المصحف إلا بغلافه ويكره مسه بالكم وهو الصحيح بخلاف الكتب الشرعية حيث يرخص في مسها بالكم لأن فيه ضرورة ولا بأس بدفع المصحف إلى الصبيان لأن في المنع تضييع حفظ القرآن وفي الأمر بالتطهير حرجا لهم هذا هو الصحيح الرابع عشر فيه استحباب البلاغة والإيجاز وتحري الألفاظ الجزلة في المكاتبة فإن قوله ( أسلم تسلم ) في نهاية الاختصار وغاية الإيجاز والبلاغة وجمع المعاني مع ما فيه من بديع التجنيس الخامس عشر فيه جواز المسافرة إلى أرض الكفار السادس عشر فيه جواز البعث إليهم بالآية من القرآن ونحوها السابع عشر فيه من كان سببا لضلالة أو منع هداية كان آثما الثامن عشر فيه أن الكذب مهجور وعيب في كل أمة التاسع عشر يجب الاحتراز عن العدو لأنه لا يؤمن أن يكذب على عدوه العشرون أن الرسل لا ترسل إلا من أكرم الأنساب لأن من شرف نسبه كان أبعد من الانتحال لغير الحق الحادي والعشرون فيه البيان الواضح أن صدق رسول الله وعلاماته كان معلوما لأهل الكتاب علما قطعيا وإنما ترك الإيمان من تركه منهم عنادا أو حسدا أو خوفا على فوات مناصبهم في الدنيا ( رواه صالح بن كيسان ويونس ومعمر عن الزهري ) .
أي روى الحديث المذكور صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أخرجه البخاري بتمامه في كتاب الحج من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان به ولكنه انتهى عند قول أبي سفيان حتى أدخل الله على الإسلام ولم يذكر قصة ابن الناطور وكذا أخرجه مسلم بدونها من رواية إبراهيم المذكور وصالح هو أبو محمد ويقال أبو الحارث بن كيسان الغفاري بكسر الغين المعجمة والفاء المخففة وبالراء والدوسي بفتح الدال المهملة مولاهم المدني مؤدب ولد عمر بن عبد العزيز Bه سمع ابن عمر وابن الزبير وغيرهما من التابعين وعنه من التابعين عمرو بن دينار وغيره سئل أحمد عنه فقال بخ بخ قال الحاكم توفي وهو ابن مائة سنة ونيف وستين سنة وكان لقي جماعة من الصحابة ثم بعد ذلك تلمذ عن الزهري وتلقن منه العلم وهو ابن تسعين سنة قال الواقدي توفي بعد الأربعين