ومائة قال غيره سنة خمس وأربعين قلت فعلى هذا يكون أدرك النبي وعمره نحو عشرين وفيما قاله الحاكم نظر وليس في الكتب الستة صالح بن كيسان غير هذا فافهم قوله ويونس أي رواه أيضا يونس بن يزيد الأيلي عن الزهري وأخرج رواية البخاري أيضا بهذا الإسناد في الجهاد مختصرة من طريق الليث وفي الاستئذان مختصرة أيضا من طريق ابن المبارك كلاهما عن يونس عن الزهري بسنده بعينه ولم يسقه بتمامه وقد ساقه بتمامه الطبراني من طريق عبد الله بن صالح عن الليث وذكر فيه قصة ابن الناطور قوله ومعمر أي رواه أيضا معمر بن راشد عن الزهري وأخرج روايته أيضا البخاري بتمامها في التفسير فقد ظهر لك أن هؤلاء الثلاثة عند البخاري عن أبي اليمان الحكم بن نافع وأن الزهري إنما رواه لأصحابه بسند واحد عن شيخ واحد وهو عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس Bهما لا كما توهمه الكرماني حيث يقول اعلم أن هذه العبارة تحتمل وجهين أن يروي البخاري عن الثلاثة بالإسناد المذكور أيضا كأنه قال أخبرنا أبو اليمان الحكم بن نافع قال أخبرنا هؤلاء الثلاثة عن الزهري وأن يروى عنه بطريق آخر كما أن الزهري أيضا يحتمل في روايته للثلاثة أن يروي عن عبيد الله عن عبد الله بن عباس وأن يروي لهم عن غيره وهذا توهم فاسد من وجهين أحدهما أن أبا اليمان لم يلحق صالح بن كيسان ولا سمع من يونس والآخر لو احتمل أن يروي الزهري هذا الحديث لهؤلاء الثلاثة أو لبعضهم عن شيخ آخر لكان ذلك خلافا قد يفضي إلى الاضطراب الموجب للضعف وهذا إنما نشأ منه لعدم تحريره في النقل واعتماده من هذا الفن على العقل .
بسم الله الرحمن الرحيم .
( كتاب الإيمان ) .
أي هذا كتاب الإيمان فيكون ارتفاع الكتاب على أنه خبر مبتدأ محذوف ويجوز العكس ويجوز نصبه على هاك كتاب الإيمان أو خذه ولما كان باب كيف كان بدء الوحي كالمقدمة في أول الجامع لم يذكره بالكتاب بل ذكره بالباب ثم شرع يذكر الكتب على طريقة أبواب الفقه وقدم كتاب الإيمان لأنه ملاك الأمر كله إذ الباقي مبني عليه مشروط به وبه النجاة في الدارين ثم أعقبه بكتاب العلم لأن مدار الكتب التي تأتي بعده كلها عليه وبه تعلم وتميز وتفصل وإنما أخره عن الإيمان لأن الإيمان أول واجب على المكلف أو لأنه أفضل الأمور على الإطلاق وأشرفها وكيف لا وهو مبدأ كل خير علما وعملا ومنشأ كل كمال دقا وجلا فإن قلت فلم قدم باب الوحي قلت قد ذكرت لك أن باب الوحي كالمقدمة في أول الجامع ومن شأنها أن تكون أمام المقصود وأيضا فالإيمان وجميع ما يتعلق به يتوقف عليه وشأن الموقوف عليه التقديم أو لأن الوحي أول خبر نزل من السماء إلى هذه الأمة ثم ذكر بعد ذلك كتاب الصلاة لأنها تالية الإيمان وثانيته في الكتاب والسنة أما الكتاب فقوله تعالى ( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ) وأما السنة فقوله بني الإسلام على خمس الحديث ولأنها عماد الدين والحاجة إليها ماسة لتكررها كل يوم خمس مرات ثم أعقبها بالزكاة لأنها ثالثة الإيمان وثانية الصلاة فيهما ولاعتناء الشارع بها لذكرها أكثر من الصوم والحج في الكتاب والسنة ثم أعقبها بالحج لأن العبادة إما بدنية محضة أو مالية محضة أو مركبة منهما فرتبها على هذا الترتيب والمفرد مقدم على المركب طبعا فقدمه أيضا وضعا ليوافق الوضع الطبع وأما تقديم الصلاة على الزكاة فلما ذكرنا ولأن الحج ورد فيه تغليظات عظيمة بخلاف الصوم ولعدم سقوطه بالبدل لوجوب الإتيان به إما مباشرة أو استنابة بخلاف الصوم ثم أعقب الحج بالصوم لكونه مذكورا في الحديث المشهور مع الأربعة المذكورة وفي وضع الفقهاء الصوم مقدم على الحج نظرا إلى كثرة دورانه بالنسبة إلى الحج وفي بعض النسخ يوجد كتاب الصوم مقدما على كتاب الحج كأوضاع الفقهاء ثم أنه توج كل واحد منها بالكتاب ثم قسم الكتاب إلى الأبواب لأن كل كتاب منها تحته أنواع فالعادة أن يذكر كل نوع بباب وربما يفصل كل باب بفصول كما في بعض الكتب الفقهية والكتاب يجمع الأبواب لأنه من الكتب وهو الجمع والباب هو النوع وأصل موضوعه المدخل ثم استعمل في المعاني مجازا ثم لفظة الكتاب ههنا يجوز أن تكون بمعنى المكتوب كالحساب بمعنى المحسوب وهو في الأصل مصدر تقول كتب يكتب كتبا وكتابة وكتابا ولفظ ( ك ت ب ) في جميع