قوله وكان النبي إذا نام لم نوقظه بنون المتكلم والضمير المنصوب يرجع إلى النبي وفي بعض النسخ لم يوقظ على صيغة المجهول المفرد ( فإن قلت ) هذا النوم في هذه القصة هل كان مثل نوم غيره أم لا ( قلت ) قد يكون نومه كنوم البشر في بعض الأوقات ولكن لا يجوز عليه الإضغاث لأن رؤيا الأنبياء صلوات الله على نبينا وعليهم وحي ( فإن قلت ) ما تقول في نومه يوم الوادي وقد قال إن عيني تنامان ولا ينام قلبي قلت نعم هذا حكم قلبه عند نومه وعينيه في غالب الأوقات وقد يندر منه غير ذلك كما يندر من غيره بخلاف عادته والدليل على صحة هذا في الحديث نفسه إن الله قبض أرواحنا وفي الحديث الآخر لو شاء الله لأيقظنا ولكن أراد أن يكون لمن بعدكم ويكون هذا منه لأمر يريده الله تعالى من إثبات حكم وإظهار شرع وجواب آخر أن قلبه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث فيه لما روي أنه كان محروسا وأنه كان ينام حتى ينفخ وحتى يسمع غطيطه ثم يصلي ولا يتوضأ ( فإن قلت ) في حديث ابن عباس المذكور في وضوءه عند قيامه من النوم ( قلت ) النوم فيه نومه مع أهله فلا يمكن الاحتجاج به على وضوئه بمجرد النوم إذا صلى ذلك لملامسته الأهل أو حدث آخر ألا ترى في آخر الحديث نام حتى سمعت غطيطه ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يتوضأ وقيل لا ينام قلبه من أجل الوحي وأنه يوحى إليه في النوم وليس في قصة الوادي إلا نوم عينيه عن رؤية الشمس وليس هذا من فعل القلب وقد قال إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا ( فإن قلت ) فلولا عادته من استغراق النوم لما قال لبلال اكلأ لنا الصبح ( قلت ) كان من شأنه التغليس بالصبح ومراعاة أول الفجر ولا يصح هذا ممن نامت عينه إذا هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة فوكل بلال بمراعاة أوله ليعلمه بذلك كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته ( فإن قلت ) هل كان نومهم عن صلاة الصبح مرة أو أكثر ( قلت ) قد جزم الأصيلي بأن القصة واحدة ورد عليه القاضي عياض بأن قصة أبي قتادة مغايرة لقصة عمران بن حصين لأن في قصى أبي قتادة لم يكن أبو بكر وعمر Bهما مع النبي لما نام وفي قصة عمران أن أول من استيقظ أبو بكر ولم يستيقظ النبي حتى أيقظه عمر رضي الله تعالى عنه ومن الذي يدل على تعدد القصة اختلاف مواطنها كما ذكرناها ولقد تكلف أبو عمر في الجمع بينهما بقوله أن زمان رجوعهم كان قريبا من زمان رجوعهم من الحديبية وأن طريق مكة يصدق عليهما وفيه تعسف على أن رواية عبد الرزاق بتعيين غزوة تبوك يرد عليه ثم أن أبا عمر زعم أن نوم النبي كان مرة واحدة وقال القاضي أبو بكر بن العربي ثلاث مرات إحداها رواية أبي قتادة ولم يحضرها أبو بكر وعمر الثانية حديث عمران وحضراها والثالثة حضرها أبو بكر وبلال وقال عياض حديث أبي قتادة غير حديث أبي هريرة وكذلك حديث عمران ومن الدليل على أن ذلك وقع مرتين أنه قد روى أن ذلك كان زمن الحديبية وفي رواية بطريق مكة والحديبية كانت في السنة السادسة وإسلام عمران وأبي هريرة الراوي حديث قفوله من خيبر كان في السنة السابعة بعد الحديبية وهما كانا حاضرين الواقعة ( قلت ) فيه نظر لأن إسلام عمران كان بمكة ذكره أبو منصور الماوردي في كتاب الصحابة وقال ابن سعد وأبو أحمد العسكري والطبراني في آخرين كان إسلامه قديما قوله ما يحدث له بضم الدال من الحدوث أي ما يحدث له من الوحي وكانوا يخافون انقطاعه بالإيقاظ قوله ما أصاب الناس أي من فوات صلاة الصبح وكونهم على غير ماء قوله فلما استيقظ عمر جواب لما محذوف تقديره فلما استيقظ كبر وقوله فكبر يدل عليه قوله جليدا بفتح الجيم من جلد الرجل بالضم فهو جلد وجليد أي بين الجلادة بمعنى القوة والصلابة وزاد مسلم هنا أجوف أي رفيع الصوت يخرج صوته من جوفه قوله فكبر أي عمر رضي الله تعالى عنه وإنما رفع صوته بالتكبير لمعنيين أحدهما أن استعمال التكبير لسلوك طريق الأدب والجمع بين المصلحتين والآخر اختصاص لفظ التكبير لأنه أصل الدعاء إلى الصلاة قوله حتى استيقظ النبي فالنبي مرفوع لأنه فاعل استيقظ وهو لازم بمعنى تيقظ قوله لصوته أي لأجل صوته ويروى بصوته أي بسبب صوته قوله قال لا ضير ويروى فقال لا ضير أي لا ضرر من ضارة يضوره ويضيره ضورا وضيرا أي ضره قال الكسائي سمعت بعضهم يقول لا ينعني ذلك ولا يضورني قوله أو لا يضير شك من عوف الأعرابي وقد صرح بذلك البيهقي في روايته ولأبي نعيم في مستخرجه لا يسوء ولا يضير وإنما قال ذلك لتأنيس قلوبهم لما عرض لهم من الأسف على فوات الصلاة من وقتها لأنهم لم يتعمدوا ذلك قوله ارتحلوا بصيغة الأمر