تكلموا وأمضوا فاستيقظ رسول الله الحديث وذكر أبو مسلم الكجي في كتاب السنن عن عمرو بن مرزوق أخبرنا المسعودي عن جامع بلفظ قال عبد الله لما رجع النبي من الحديبية قال من يحرسنا قال عبد الله فقلت أنا قال إنك تنام مرتين أو ثلاثا فقال أنت فحرست حتى كان في وجه الصبح أدركني ما قال النبي فنمت الحديث وعند الطبراني وأبي داود بسند لا بأس به عن عمرو بن أمية الضمري كنا مع النبي في سرية فتقدم الناس فقال هل لكم أن نهجع هجعة فمن يكلؤ لنا الليلة قال ذو مخبر أنا فأعطاه خطام ناقته وقال لا تكن لكع قال ذو مخبر فانطلقت غير بعيد فأرسلتها مع ناقتي ترعيان فغلبني عيني فما أيقظني إلا حر الشمس على وجهي فجئت أدني القوم فأيقظته وأيقظ الناس بعضهم بعضا حتى استيقظ النبي وفي الموطأ عن زيد بن أسلم قال عرس رسول الله ليلة بطريق مكة شرفها الله ووكل بلالا أن يوقظهم للصلاة الحديث وفي كتاب عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني سعد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار أن التعرس في غزوة تبوك وكذا ذكره عقبة بن عامر قال خرجنا مع النبي في غزوة تبوك فاسترقد لما كان منها على ليلة فاستيقظ حين كانت الشمس قيد رمح فقال ألم أقل لك يا بلال وذكره البيهقي في كتاب الدلائل من حديث عبد الله بن مصعب بن منظور عن أبيه عنه .
( ذكر معانيه ولغاته ) قوله كنا في سفر مع النبي اختلفوا في تعيين هذا السفر ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أنه وقع عند رجوعهم من خيبر وفي حديث ابن مسعود رواه أبو داود أقبل النبي من الحديبية ليلا فنزل فقال من يكلؤنا فقال بلال أنا وفي حديث زيد بن أسلم مرسلا أخرجه مالك في الموطأ عرس رسول الله ليلا بطريق مكة ووكل بلالا وفي حديث عطاء بن يسار مرسلا رواه عبد الرزاق أن ذلك كان بطريق تبوك وكذا في حديث عقبة بن عامر رواه البيهقي في الدلائل وفي رواية لأبي داود كان ذلك في غزوة جيش الأمراء وقد ذكرنا هذه كلها عن قريب قوله إنا أسرينا وقال الكرماني وفي بعضها سرينا يعني بدون الهمزة ( قلت ) يقال سرى وأسرى لغتان وقال الجوهري سريت وأسريت بمعنى إذا سرت ليلا وفي المحكم السرى سير عامة الليل وقيل سير الليل كله والحديث يخالف هذا القول والسرى يذكر ويؤنث ولم يعرف اللحياني إلا التأنيث وقد سرى سرى وسرية وسرية فهو سار وذكر ابن سيده وقد سرى به وأسرى به وأسراه وفي الجامع سرى يسري سريا إذا سار ليلا وكل سائر ليلا فهو سار قوله وقعنا وقعة أي نمنا نومة كأنهم سقطوا عن الحركة قوله ولا وقعة كلمة لا لنفي الجنس ووقعة اسمه وقوله أحلى صفة للوقعة وخبر لا محذوف ويجوز أن يكون أحلى خبرا قوله منها أي من الوقعة في آخر الليل وهو كما قال الشاعر .
وأحلى الكرى عند الصباح يطيب .
قوله وكان أول من استيقظ فلان اعلم أن كان ههنا يجوز أن تكون تامة وأن تكون ناقصة فإن كانت ناقصة فقوله أول بالنصب مقدما خبرها واسمها هو قوله فلان وإن كانت تامة بمعنى وجد فلا تحتاج إلى خبر فقوله أول يكون اسمه ويكون قوله فلان بدلا منه قوله يسميهم أبو رجاء جملة من الفعل والفاعل والمفعول أي يسمى المستيقظين وليس بإضمار قبل الذكر لأن قوله استيقظ يدل عليه ( فإن قلت ) ما موقع هذه الجملة من الإعراب ( قلت ) الأقرب أن تكون حالا وهذه الجملة والتي بعدها وهي قوله فنسي عوف ليس من كلام عمران بن حصين وإنما هي من كلام الراوي وعوف هو عوف الأعرابي المذكور في الإسناد وقوله الرابع مرفوع لأنه صفة عمر رضي الله تعالى عنه وعمر مرفوع لأنه معطوف على مرفوع وهو قوله ثم فلان وقال بعضهم ويجوز نصبه على خبر كان ( قلت ) لم يبين هذا القائل أي كان هذا والأقرب أن يكون مقدرا تقديره ثم كان عمر بن الخطاب الرابع يعني من المستيقظين وقال الكرماني وفي بعضها هو الرابع وقد سمى البخاري في علامات النبوة أول من استيقظ ولفظه فكان أول من استيقظ أبو بكر رضي الله تعالى عنه فعلى هذا فأبو بكر هو أحد المستيقظين من الأربعة أولا والرابع هو عمر بن الخطاب وبقي اثنان من الذين عدهم أبو رجاء ونسيهم عوف الأعرابي وبعضهم عين الثاني والثالث بالاحتمال فقال يشبه أن يكون الثاني عمران راوي القصة والثالث من شارك عمران في رواية هذه القصة وهو ذو مخبر فإنه قال في حديث عمر بن أمية رواه الطبراني فما أيقظني إلا حر الشمس وهذا تصرف بالحدس والتخمين