الدم ويدفع ذلك بأن المقام مقام التعريف ولو كان ذلك واجبا لبينه E وقال الكرماني وجه ارتباط هذا الحديث بالترجمة على ما في بعض النسخ من لفظ وأكلها بعد لفظ المسجد كما ذكر مالك عند قوله وسؤر الكلاب وممرها في المسجد .
الثاني أن في إطلاق الكلب دلالة لإباحة صيد جميع الكلاب المعلمة من الأسود وغيرها وقال أحمد لا يحل صيد الكلب الأسود لأنه شيطان وإطلاق الحديث حجة عليه .
الثالث أن التسمية شرط لقوله E فإنما سميت على كلبك اي ذكرت اسم الله تعالى على كلبك عند إرساله وعلم من ذلك أنه لا بد من شروط أربعة حتى يحل الصيد الأول الإرسال والثاني كونه معلما والثالث الإمساك على صاحبه بأن لا يأكل منه والرابع أن يذكر اسم الله عليه عند الإرسال واختلف العلماء في التسمية فذهب الشافعي إلى أنها سنة فلو تركها عمدا أو سهوا يحل الصيد والحديث حجة عليه وقالت الظاهرية التسمية واجبة فلو تركها سهوا أو عمدا لم يحل وقال ابو حنيفة لو تركها عمدا لم يحل ولو تركها سهوا يحل وسيجىء مزيد الكلام فيه في كتاب الذبائح .
الرابع فيه إباحة الاصطياد للاكتساب والحاجة والانتفاع به بالأكل وغيره ودفع الشر والضرر واختلفوا فيمن صاد للهو والتنزه فأباحه بعضهم وحرمه الأكثرون وقال مالك إن فعله ليذكيه فمكروه وإن فعله من عير نية التذكية فحرام لأنه فساد في الأرض وإتلاف نفس .
الخامس فيه التصريح بمنع أكل ما أكل منه الكلب .
السادس فيه أن مقتضى الحديث عدم الفرق بين كون المعلم بكسر اللام ممن تحل ذكاته أو لا وذكر ابن حزم في ( المحلى ) عن قوم اشتراط كونه ممن تحل ذكاته وقال قوم لا يحل صيد جارح علمه من لا يحل أكل ما ذكاه وروي في ذلك آثار منها عن يحيى بن عاصم عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كره صيد باز المجوسي وصقره ومنها عن ابن الزبير عن جابر رضي الله تعالى عنه قال لا يؤكل صيد المجوسي ولا ما أصابه سهمه ومنها عن خصيف قال قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا تأكل ما صيد بكلب المجوسي وان سميت فإنه من تعليم المجوسي قال تعالى تعلمونهن مما علمكم الله ( المائدة 4 ) وجاء هذا القول عن عطاء ومجاهد والنخعي ومحمد وابن علي وهو قول سفيان الثوري .
السابع فيه أن الإرسال شرط حتى لو استرسل بنفسه يمنع من أكل صيده وقالت الشافعية ولو أرسل كلبا حيث لا صيد فاعترضه صيد فأخذه لم يحل على المشهور عندنا وقيل يحل ثم إعلم أن الصيد حقيقة في المتوحش فلو استأنس ففيه خلاف العلماء على ما ياتي في كتاب الصيد إن شاء الله تعالى .
الثامن الحديث صريح في منع ما أكل منه الكلب وفي حديث أبي ثعلبة الخشني في سنن أبي داود بإسناد حسن كله وإن أكل منه الكلب قلت التوفيق بين الحديث بأن يجعل حديث أبي ثعلبة أصلا في الإباحة وأن يكون النهي في حديث عدي بن حاتم على معنى التنزيه دون التحريم قاله الخطابي وقال أيضا ويحتمل أن يكون الأصل في ذلك حديث عدي ويكون النهي عن التحريم الثابت فيكون المراد بقوله وإن أكل منه الكلب فيما مضى من الزمان وتقدم منه لا في هذه الحالة وذلك لأن من الفقهاء من ذهب الى أنه إذا أكل الكلب المعلم من الصيد مرة بعد أن كان لا يأكل فإنه يحرم كل صيد كان قد اصطاده فكأنه قال كل منه وإن كان قد أكل فيما تقدم إذا لم يكن قد أكل منه في هذه الحالة قلت هذا الذي ذكره هو قول ابي حنيفة وأول بهذا التأويل ليكون الحديث حجة عليه وليس الأمر كذلك فإن في ( الصحيحين ) إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله تعالى فكل مما أمسكن عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه .
34 - .
( باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين القبل والدبر ) .
أي هذا باب في بيان قول من لم ير الوضوء إلا من المخرجين وهو تثنية مخرج بفتح الميم وبين ذلك بطريق عطف البيان بقوله القبل والدبر ويجوز أن يكون جرهما بطريق البدل والقبل يتناول الذكر والفرج وقال الكرماني فإن قلت للوضوء أسباب أخر مثل النوم وغيره فكيف حصر عليهما قلت الحصر إنما هو بالنظر إلى اعتقاد الخصم إذ هو رد لما اعتقده والاستثناء مفرغ فمعناه من لم ير الوضوء من مخرج من مخارج البدن إلا من هذين المخرجين وهو رد لمن راى أن الخارج من البدن بالفصد مثلا ناقض الوضوء فكأنه قال من لم ير الوضوء إلا من المخرجين لا من مخرج آخر كالفصد كما هو اعتقاد الشافعي قلت فيه مناقشة من وجوه الأول أنه جعل مثل النوم سببا للوضوء وليس كذلك لأن