ويقال الأوجه في هذا أن يقال كان ذلك في ابتداء الإسلام على أصل الإباحة ثم ورد الأمر بتكريم المسجد وتطهيره وجعل الأبواب على المساجد .
الثاني أن ابن بطال قال فيه إن الكلب طاهر لأن إقبالها وإدبارها في الأغلب يقتضي أن تجر فيه أنوفها وتلحس الماء وفتات الطعام لأنه كان مبيت الغرباء والوفود وكانوا يأكلون فيه وكان مسكن أهل الصفة ولو كان الكلب نجسا لمنع من دخول المسجد لاتفاق المسلمين على أن الأنجاس تجنب المساجد والجواب عنه ما ذكرنا .
الثالث احتج به أصحابنا على طهارة الأرض بجفاف النجاسة عليها كما ذكرناه .
175 - ( حدثنى حفص بن عمر ) قال حدثنا ( شعبة ) عن ( ابن أبي السفر ) عن ( الشعبي ) عن ( عدي بن حاتم ) قال سألت النبي صلى الله عليه وسلّم فقال إذا أرسلت كلبك المعلم فقتل فكل وإذا أكل فلا تأكل فانما أمسكه على نفسه قلت أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر قال فلا تأكل فانما سميت على كلبك ولم تسم على كلب آخر .
أخرج البخاري هذا الحديث ليستدل به لمذهبه في طهارة سؤر الكلب وهو مطابق لقوله وسؤر الكلب في أول الباب .
بيان رجاله وهم خمسة الأول حفص بن عمر الثاني شعبة بن الحجاج الثالث ابن أبي السفر بفتح السين المهملة وفتح الفاء اسمه عبد الله وأبو السفر اسمه سعيد بن محمد ويقال أحمد الهمداني الكوفي الرابع الشعبي واسمه عامر كلهم ذكروا الخامس عدي بن حاتم بن عبد الله الطائي أبو طريف بفتح الطاء الجواد بن الجواد قدم على النبي في سنة سبع روي له عن رسول الله ستة وستون حديثا ذكر البخاري ومسلم منها ثلاثة وانفرد مسلم بحديثين نزل الكوفة ومات بها زمن المختار وهو ابن عشرين ومائة سنة ويقال مات بقرقيسيا وكان أعور وقال أبو حاتم السجستاني في ( كتاب المعمرين ) قالوا عاش عدي بن حاتم مائة وثمانين سنة .
بيان لطائف اسناده منها أن فيه التحديث والعنعنة ومنها أن رواته ما بين بصري وكوفي ومنها أن كلهم أئمة أجلاء .
بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في البيوع والصيد والذبائح وأخرجه مسلم في الصيد عن أبي بكر بن أبي شيبة وأخرجه أبو داود فيه عن هناد بن السري وأخرجه ابن ماجه فيه عن علي بن المنذر .
بيان الإعراب والمعنى قوله قال أي عدي قوله سألت النبي جملة من الفعل والفاعل والمفعول ذكر المسؤول عنه ولم يذكر المسؤول واكتفى بالجواب لأنه كان يحتمل أن يكون علم أصل الإباحة ولكنه حصل عنده شك في بعض أمور الصيد فاكتفى بالجواب والتقدير سألت النبي عن حكم صيد الكلاب وقد صرح البخاري به في روايته الأخرى في كتاب الصيد ويحتمل أن يكون قام عنده مانع من الإباحة التي علم أصلها وقال بعضهم حذف لفظ السؤال اكتفاء بدلالة الجواب قلت المحذوف ليس لفظ السؤال وإنما المحذوف لفظ المسؤول كما قلنا قوله قال فقال فاعل قال الأولى هو عدي وفاعل فقال هو النبي قوله كلبك المعلم قال الكرماني المعلم هو الذي ينزجر بالزجر ويسترسل بالإرسال ولا يأكل من الصيد لإمرة بل مرارا قلت كون الكلب معلما مفوض إلى رأي المعلم عن ابي حنيفة لانه يختلف باختلاف الاشخاص والاحوال وعند ابي يوسف ومحمد بترك اكله ثلاث مرات وعند الشافعي بالعرف وعند مالك بالانزجار وأما اشتراط التعلم فلقوله تعالى وما علمتم من الجوارح ( المائدة 4 ) قوله فقتل أي فقتل الكلب الصيد وطوى ذكر المفعول للعلم به قوله فلا تأكل أي الصيد الذي أكل منه الكلب وعلل بقوله فإنما أمسكه على نفسه و الفاء فيه للتعليل قوله قلت قائله عدي هو سؤال آخر .
بيان استنباط الأحكام الأول أن البخاري احتج به لمذهبه في طهارة سؤر الكلب وذلك لأنه E أذن لعدي Bه في أكل ما صاده الكلب ولم يقيد ذلك بغسل موضع فمه ومن ثم قال مالك كيف يؤكل صيده ويكون لعابه نجسا وأجاب الإسماعيلي بأن الحديث سيق لتعريف أن قتله ذكاته وليس فيه إثبات نجاسته ولا نفيها ولذلك لم يقل له إغسل الدم إذا خرج من جرح نابه وفيه نظر لأنه يحتمل أن يكون وكل إليه ذلك كما تقرر عنده من وجوب غسل