يوجب على المدعي غير البينة وأيضا قوله تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء ( النور 4 ) الآية فأبرأه الله تعالى من الجلد بإقامة أربعة شهداء من غير يمين والآخر أن لا يصح القضاء بشاهد واحد ويمين المدعي لأن الشارع جعل اليمين على المدعى عليه وفيه اختلاف أيضا نذكره عن قريب .
والحكم الثاني أن اليمين على المدعى عليه في الأموال والحدود وفيه اختلاف أيضا فذهب الشافعي ومالك وأحمد إلى القول بعموم ذلك في الأموال والحدود والنكاح ونحوه واستثنى مالك النكاح والطلاق والعتاق والفدية فقال لا يجب في شيء منها اليمين حتى يقيم المدعي البينة ولو شاهدا واحدا وقال الكوفيون يختص اليمين بالمدعى عليه في الأموال دون الحدود وفي ( التوضيح ) قام الإجماع على استحلاف المدعى عليه في الأموال واختلفوا في الحدود والطلاق والنكاح والعتق فذهب الشافعي إلى أن اليمين واجبة على كل مدعى عليه إذا لم يكن للمدعي بينة وسواء كانت الدعوى في دم أو جراح أو طلاق أو نكاح أو عتق أو غير ذلك واحتج بحديث الباب شاهداك أو يمينه قال ولم يخص مدعي مال دون مدعي دم أو غيره بل الواجب أن يحمل على العموم ألا يرى أنه جعل القسامة في دعوى الدم وقال للأنصار يبرئكم يهود بخمسين يمينا والدم أعظم حرمة من المال وقال الشافعي وأبو ثور إذا ادعت المرأة على زوجها خلعا أو طلاقا وجحد الزوج الطلاق فعليها البينة وإلا يستحلف الزوج وإن ادعى الخلع على مال فأنكرت فإن أقام البينة لزمها المال وإلا حلفت ولزم الزوج الفراق لأنه أقر به وإن ادعى العبد العتق ولا بينة له يستحلف السيد فإن حلف برىء وإن ادعى السيد أنه أعتقه على مال وأنكر العبد حلف ولزم السيد العتق وكان أبو يوسف ومحمد يريان بأن يستحلف على النكاح فإن أبى ألزم النكاح .
قلت مذهب أبي حنيفة أن المدعى عليه لا يستحلف في النكاح بأن يدعي على امرأة نكاحا وهي تجحد أو ادعت هي كذلك وهو يجحد ولا في الرجعة بأن ادعى بعد انقضاء عدتها أنه كان راجعها في العدة وهي تجحد أو ادعت هي كذلك وهو يجحد ولا في فيء الإيلاء بأن ادعى بعد مضي مدة الإيلاء أنه فاء إليها في المدة وهي تجحد أو ادعت المرأة كذلك وهو يجحد ولا في الاستيلاد بأن ادعت الأمة على سيدها أنها ولدت منه وأنكر المولى ولا يتصور العكس من قبله عليها لأن الاستيلاد يثبت بإقراره ولا في الرق بأن ادعى على مجهول النسب أنه عبده أو ادعى مجهول النسب أنه معتقه ولا في النسب بأن ادعى الولد على الوالد أو الوالد على الولد وأنكر الآخر ولا في الولاء بأن ادعى على معروف النسب أنه معتقه أو ادعى معروف النسب أنه معتقه أو كان ذلك في الموالاة وقال أبو يوسف ومحمد يستحلف في الكل وبه قال الشافعي ومالك وأحمد ولا يستحلف باتفاق أصحابنا في الحد بأن قال رجل لآخر لي عليك حد قذف وهو ينكر لا يستحلف لأنه يندرىء بالشبهات إلا إذا تضمن حقا بأن علق عتق عبده بالزنا وقال إن زنيت فأنت حر فادعى العبد أنه زنى ولا بينة له عليه يستحلف المولى حتى إذا نكل ثبت العتق دون الزنا وقال القاضي الإمام فخر الدين المعروف بقاضيخان الفتوى على أنه يستحلف المنكر في الأشياء الستة المذكورة وذكر ابن المنذر عن الشعبي والثوري وأصحاب الرأي أنه لا يستحلف على شيء من الحدود ولا على القذف وقالوا يستحلف يستحلف على السرقة فإن نكل لزمه المال وعند مالك لا يمين في النكاح والطلاق والعتق والفرقة إلا أن يقيم المدعى شاهدا واحد فإذا أقالمه استحلف المدعى عليه وقال ابن حبيب إذا أقامت المرأة أو العبد شاهدا واحدا على أن الزوج طلقها أو أن السيد أعتقه فاليمين تكون على السيد والزوج فإن حلفا سقط عنهما الطلاق والعتق وهذا قول مالك وابن الماجشون وابن كنانة وقال في المدونة فإن نكل قضى بالطلاق والعتق ثم رجع مالك فقال لا يقضي بالطلاق ويسجن فإن طال سجنه دين وترك وبه قال ابن القاسم وطول السجن عنده سنة .
وقال النبي شاهداك أو يمينه .
وصل البخاري هذا التعليق في آخر الباب من حديث الأشعث بن قيس وهذا صريح أن الذي على المدعى البينة والذي على المدعى عليه اليمين فيقتضي منع يمين المدعي عند الرد عليه ويمين الاستظهار أيضا كما ذكرنا وارتفاع شاهداك على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره المثبت لدعواك أو الحجة لك شاهداك ويجوز أن يكون مرفوعا على الابتداء وخبره محذوف تقديره شاهداك هو المطلوب في دعواك أو شاهداك هما المثبتان لدعواك ونحو ذلك