الطحاوي وقال بعضهم وفي أكثر طرق الحديث ما ينابذه قلت هذا كلام من لا إنصاف له لأنه يقصد بهذا تضعيف ما قاله مع أنه لم يقل هذا إلا بحديث شعيب يرويه شيخ البخاري عنه وهو شعيب بن أبي ضمرة فإنه رواه حيث قال حدثنا فهد قال حدثنا أبو اليمان قال حدثنا شعيب عن الزهري قال حدثني حميد بن عبد الرحمن ومحمد بن النعمان أنهما سمعا النعمان ابن بشير يقول نحلني أبي غلاما ثم مشى أبي حتى إذا أدخلني على رسول الله فقال يا رسول الله إني نحلت إبني غلاما فإن أذنت أن أجيزه له أجزت ثم ذكر الحديث فهذا ينادي بأعلى صوته أن بشيرا نحل ابنه غلاما ولكنه لم ينجزه حتى استشار النبي في ذلك فلم يأذن له به فتركه .
الثالث أن النعمان كان كبيرا ولم يكن قبض الموهوب فجاز لأبيه الرجوع ذكره الطحاوي أيضا وقال بعضهم وهو خلاف ما في أكثر طرق الحديث أيضا قوله أرجعه فإنه يدل على تقدم وقوع القبض انتهى قلت هذا أيضا طعن في كلام الطحاوي من غير وجه ومن غير إنصاف لأنه لم يقل هذا أيضا إلا وقد أخذه من حديث يونس بن عبد الأعلى شيخ مسلم عن سفيان بن عيينة شيخ الشافعي عن محمد بن مسلم الزهري عن محمد بن النعمان وحميد بن عبد الرحمن أخبراه أنهما سمعا النعمان بن بشير يقول نحلني أبي غلاما فأمرتني أمي أن أذهب إلى رسول الله لأشهده على ذلك الحديث فهذا يدل على أن النعمان كان كبيرا إذ لو كان صغيرا كيف كانت أمه تقول له إذهب إلى رسول الله وقول هذا القائل إرجعه يدل على تقدم القبض غير دال على القبض حقيقة لأنه يحتمل أنه قال لبشير إرجع عما قلت بنحل ابنك النعمان دون أخوته .
الرابع أن قوله أشهد في رواية النسائي وغيره ولا يدل على أن الأمر بالتسوية يدل على الوجوب لأن أمر التوبيخ يدل عليه ألفاظ كثيرة في الحديث يعرف بالتأمل .
الخامس أن عمل الخليفتين أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما بعد النبي على عدم التسوية قرينة ظاهرة في أن الأمر للندب أما أثر أبي بكر فأخرجه الطحاوي حدثنا يونس قال حدثنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي أنها قالت أن أبا بكر الصديق نحلها جداد عشرين وسقا من ماله بالغابة فلما حضرته الوفاة قال والله يا بنية ما من أحد من الناس أحب إلي غنى بعدي منك ولا أعز علي فقرا بعدي منك وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا فلو كنت جددته وأحرزته كان لك وإنما هو اليوم مال الوارث وإنما هما أخواك وأختاك فاقتسموه على بيان كتاب الله تعالى فقالت عائشة والله يا أبت لو كان كذا وكذا لتركته إنما هي أسماء فمن الأخرى فقال ذو بطن بنت خارجة أراها جارية وأخرجه البيهقي أيضا في ( سننه ) من حديث شعيب عن الزهري عن عروة بن الزبير أن عائشة قالت كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه نحلني جداد عشرين وسقا من ماله فلما حضرته الوفاة جلس فاحتبى ثم تشهد ثم قال أما بعد أي بنية إن أحب الناس إلي غنى بعدي لأنت وإني كنت نحلتك جداد عشرين وسقا من مالي فوددت والله لو أنك كنت خزنته وجددته ولكن إنما هو اليوم مال الوارث وإنما هما أخواك وأختاك فقلت يا أبتاه هذه أسماء فمن الأخرى قال ذو بطن ابنة خارجة أراها جارية فقلت لو أعطيتني ما هو كذا إلى كذا لرددته إليك قال الشافعي وفضل عمر رضي الله تعالى عنه عاصما بشيء وفضل ابن عوف ولد أم كلثوم وأما أثر عمر رضي الله تعالى عنه فذكره الطحاوي أيضا كما ذكره البيهقي عن الشافعي C وأخرج عبد الله بن وهب في ( مسنده ) وقال بلغني عن عمرو بن دينار أن عبد الرحمن بن عوف نحل ابنته من أم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط أربعة آلاف درهم وله ولد من غيرها قلت هذا منقطع .
السادس هو الجواب القاطع أن الإجماع انعقد على جواز إعطاء الرجل ماله لغير ولده فإذا جاز له أن يخرج جميع ولده من ماله جاز له أن يخرج عن ذلك لبعضهم ذكره ابن عبد البر قيل فيه نظر لأنه قياس مع وجود النص قلت إنما يمنع ذلك ابتداء وأما إذا عمل بالنص على وجه من الوجوه ثم إذا قيس ذلك الوجه إلى وجه آخر لا يقال إنه عمل بالقياس مع وجود النص فافهم .
وفي الحديث من الفوائد الندب إلى التأليف بين الأخوة وترك ما يوقع بينهم الشحناء ويورث العقوق للآباء وفيه إن العطية إذا كانت من الأب لصغير لا يحتاج إلى القبض فيكفي قبوله له وفيه كراهة تحمل الشهادة فيما ليس بمباح وفيه أن الإشهاد في الهبة مشروع وليس بواجب وفيه جواز الميل إلى بعض الأولاد والزوجات دون بعض لأن هذا أمر قلبي وليس باختياري وفيه مشروعية