المذكورة من وجوه الأول أن التمسك بالقاعدة المعلومة أولى قاله القرطبي والثاني أن حديث النهي أصح والثالث أن ذلك محمول على ما إذا علم طيب نفوس أرباب الأموال بالعادة أو بغيرها والرابع أن ذلك محمول على أوقات الضرورات كما كان في أول الإسلام وأجاب الطحاوي بأن هذه الأحاديث كانت في حال وجوب الضيافة حين أمر رسول الله بها وأوجبها للمسافرين على من حلوا به فلما نسخ وجوب ذلك وارتفع حكمه ارتفع أيضا حكم الأحاديث المذكورة وقال القرطبي وشرب أبي بكر رضي الله تعالى عنه حين الهجرة من غنم الراعي وإعطائه للشارع كان إدلالا على صاحب الغنم لمعرفته إياه وأنه كان يعلم أنه أذن للراعي أن يسقي من مر به أو أنه كان عرفه أنه أباح بذلك أو أنه مال حربي لا أمان له وقال ابن أبي صفرة حديث الهجرة في زمن المكارمة وهذا في زمن التشاح لما علم من تغير الأحوال بعده وقال الداودي إنما شرب الشارع والصديق لأنهما ابنا سبيل ولهما شرب ذلك إذا احتاجا وفي الحديث استعمال القياس لتشبيه النبي اللبن في الضرع بالطعام المخزون وهذا هو قياس الأشياء على نظائرها وأشباهها وفيه إباحة خزن الطعام واحتكاره خلافا لغلاة المتزهدة حيث يقولون لا يجوز الادخار مطلقا وفيه أن اللبن يسمى طعاما فيحنث به من حلف لا يتناول طعاما إلا أن يكون له نية تخرج اللبن وقال ابن عمر فيه ما يدل على أن من حلب من ضرع شاة أو بقرة أو ناقة بعد أن يكون في حرزها ما يبلغ قيمته ما يجب فيه القطع إن عليه القطع إلا على قول من لا يرى القطع في الأطعمة الرطبة من الفواكه وفيه بيع الشاة اللبون بالطعام لقوله فإنما يخزن لهم ضروع مواشيهم أطعماتهم فجعل اللبن طعاما وقد اختلف الفقهاء في بيع الشاة اللبون باللبن وسائر الطعام نقدا أو إلى أجل فذهب مالك وأصحابه إلى أنه لا بأس ببيع الشاة اللبون باللبن يدا بيد ما لم يكن في ضرعها لبن فإن كان في ضرعها لبن لم يجز يدا بيد باللبن من أجل المزابنة فإن كانت الشاة غير لبون جاز في ذلك الأجل وغير الأجل وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه لا يجوز بيع الشاة اللبون بالطعام إلى أجل ولا يجوز عند الشافعي بيع شاة في ضرعها لبن بشيء من اللبن يدا بيد ولا إلى أجل وفيه ذكر الحكم بعلته وإعادته بعد ذكر العلة تأكيدا وتقريرا وفيه أن القياس لا يشترط في صحته مساواة الفرع للأصل بكل اعتبار بل ربما كانت للأصل مزية لا يضر سقوطها في الفرع إذا تشاركا في أصل الصفة لأن الضرع لا يساوي الخزانة في الخزن لما أن الصر لا يساوي القفل فيه ومع ذلك فقد ألحق الشارع الضرع المصرور بالحكم بالخزانة المقفلة في تحريم تناول كل منهما بغير إذن صاحبه وفيه ضرب الأمثال للتقريب للإفهام وتمثيل ما يخفى بما هو واضح منه - .
9 - .
( باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردها عليه لأنها وديعة عنده ) .
أي هذا باب يذكر فيه إذا جاء صاحب اللقطة إلى آخره قوله بعد سنة أي بعد مضي سنة التعريف قوله لأنها أي لأن اللقطة وديعة عند الملتقط فيجب ردها إلى صاحبها .
6342 - حدثنا ( قتيبة بن سعيد ) قال حدثنا ( إسماعيل بن جعفر ) عن ( ربيعة بن أبي عبد الرحمان ) عن ( يزيد ) مولاى ( المنبعث ) عن ( زيد بن خالد الجهني ) رضي الله تعالى عنه أن رجلا سأل رسول الله عن اللقطة قال عرفها سنة ثم اعرف وكاءها وعفاصها ثم استنفق بها فإن جاء ربها فأدها إليه قالوا يا رسول الله فضالة الغنم قال خذها فإنما هي لك أو لأخيك أو للذئب قال يا رسول الله فضالة الإبل قال فغضب رسول الله حتى احمرت وجنتاه إو احمر وجهه ثم قال مالك ولها معها حذاؤها وسقاؤها حتى يلقاها ربها .
مطابقته للترجمة في قوله فإن جاء ربها فأدها إليه فإن قلت ليس في الحديث لفظ لأنها وديعة عنده قلت أجيب بجوابين أحدهما أنه ذكر هذه اللفظة في باب ضالة الغنم قبل هذا الباب بخمسة أبواب ولكنه ذكره بالشك هناك