مطابقته للترجمة من حيث أن الحديث السابق فيه ذكر العرايا وهذا الحديث في العرايا فهو مطابق له من هذه الحيثية والمطابق للمطابق مطابق لذلك المطابق والحديث السابق فيه ذكر العرايا مطلقا وهذا الحديث يشعر أن المراد من ذلك المطلق هو المقيد بخمسة أوسق كما يجيء بيانه مفصلا إن شاء الله تعالى .
( ذكر رجاله ) وهم ستة الأول عبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي الثاني مالك بن أنس الثالث عبيد الله بتصغير العبد ابن الربيع وكان الربيع حاجب للخليفة أبي جعفر المنصور وهو والد الفضل وزير الخليفة هرون الرشيد الرابع داود بن الحصين بضم الحاء وقد مضى في الباب الذي قبله الخامس أبو سفيان مولى ابن أبي أحمد وقد مضى هو أيضا مع داود هناك السادس أبو هريرة .
( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضع وبصيغة الإفراد بصيغة الاستفهام في موضع وفيه السماع والسؤال وهو إطلاق السماع على ما قرىء على الشيخ فأقر به بقوله نعم والاصطلاح عند المحدثين على أن السماع مخصوص بما حدث به الشيخ لفظا وفيه العنعنة في موضعين وفيه أن شيخه من أفراده وهو بصري وداود وأبو سفيان مدنيان وقد ذكرنا أنه ليس لداود ولا لأبي سفيان حديث في البخاري سوى حديثين أحدهما هذا والآخر عن أبي سعيد المذكور في الباب الذي قبله .
( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في الشروط عن يحيى بن قزعة عن مالك به وأخرجه مسلم في البيوع عن القعنبي ويحيى بن يحيى كلاهما عن مالك به وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي به وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة وعن أبي كريب عن زيد بن وهب كلاهما عن مالك وأخرجه النسائي فيه وفي الشروط عن إسحاق بن منصور الكوسج ويعقوب بن إبراهيم الدورقي كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك به .
( ذكر معناه ) قوله رخص بالتشديد من الترخيص كذا هو عند الأكثرين وفي رواية الكشميهني أرخص من الأرخاص قوله في بيع العرايا أي في بيع ثمر العرايا لأن العرايا هي النخل قوله في خمسة أوسق وهو وسق بفتح الواو وقيل بالكسر أيضا والفتح أفصح وهو ستون صاعا وهو ثلاثمائة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز وأربعمائة وثمانون رطلا عند أهل العراق على اختلافهم في مقدار الصاع والمد والأصل في الوسق الحمل وكل شيء وسقته فقد حملته قوله أو دون خمسة أوسق شك من الراوي وقد بينه مسلم في روايته أن الشك من داود بن الحصين ولفظه عن أبي هريرة أن رسول الله رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة شك داود قال خمسة أو دون خمسة والحديث رواه الطحاوي أيضا حدثنا ابن مرزوق قال حدثنا القعنبي وعثمان بن عمر قالا حدثنا مالك بن أنس عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق شك داود في خمسة أو فيما دون خمسة قوله قال نعم القائل هو مالك وهذا التحمل يسمى عرض السماع وكان مالك يختاره على التحديث في لفظه واختلف المحدثون فيما إذا سكت الشيخ فالصحيح أنه ينزل منزلة الإقرار إذا كان عارفا ولم يمنعه مانع والأولى أن يقول نعم لما فيه من قطع النزاع .
( ذكر ما يستفاد منه ) قال ابن قدامة في المغني العرايا لا تجوز إلا فيما دون خمسة أوسق وبهذا قال ابن المنذر والشافعي في أحد قوليه وقال مالك والشافعي في قوله الآخر تجوز في الخمسة ورواه الجوزجاني عن إسماعيل بن سعيد عن أحمد واتفقا على أنها لا تجوز في الزيادة على خمسة أوسق وقال أيضا إنما يجوز بيعها بخرصها من التمر لا أقل منه ولا أكثر ويجب أن يكون التمر الذي يشتري به معلوما بالكيل ولا يجوز جزافا ولا نعلم في هذا عند من أباح بيع العرايا اختلافا واختلف في معنى خرصها من التمر فقيل معناه أن يطيف الخارص بالعرية فينظر كم يجيء منها تمرا فيشتريها بمثله من التمر وهذا مذهب الشافعي ونقل حنبل عن أحمد أنه قال بخرصها رطبا ويعطي تمرا ولا يجوز أن يشتريها بخرصها رطبا وهو أحد