عند مسلم عن ابن جريج أخبرني عطاء قوله عن جابر وفي رواية أبي عاصم المذكور أنهما سمعا جابر بن عبد الله قوله عن بيع الثمر بالثاء المثلثة أي الرطب قوله حتى يطيب أي طعمه والغرض منه أن يبدو صلاحه قوله ولا يباع شيء منه أي من الثمر قوله إلا بالدينار والدرهم وقد ذكرنا الآن وجه ذكرهما قوله إلا العرايا أي إلا العرايا بالابتياع بالدينار والدرهم ويفسر هذا رواية يحيى بن أيوب فإن في روايته أن رسول الله رخص فيها أي في العرايا وهي بيع الرطب فيها بعد أن يخرص ويعرف قدره بقدر ذلك من التمر وقد مر أن قوما منهم الأئمة الثلاثة احتجوا بهذا الحديث وأمثاله على عدم جواز بيع الثمار على رؤس النخل حتى تحمر أو تصفر وأجاز ذلك قوم بعد ظهورها ومنهم أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وأصحابه وقال ابن المنذر ادعى الكوفيون أن بيع العرايا منسوخ بنهيه عن بيع الثمر بالتمر وهذا مردود لأن الذي روى النهي عن بيع الثمر بالتمر هو الذي روى الرخصة في العرايا وقال بعضهم ورواية سالم الماضية في الباب الذي قبله تدل على أن الرخصة في بيع العرايا وقع بعد النهي عن بيع التمر بالثمر ولفظه عن ابن عمر مرفوعا ولا تبيعوا الثمر بالتمر قال وعن زيد بن ثابت أنه رخص بعد ذلك في بيع العرية وهذا هو الذي يقتضيه لفظ الرخصة فإنها تكون بعد منع انتهى قلت أما قول ابن المنذر فإنه مردود لأن رواية من روى النهي عن بيع الثمر بالتمر وروى الرخصة في العرايا لا يستلزم منع النسخ على أنا قد ذكرنا فيما مضى أن هذا النقل عن الكوفيين الحنفية غير صحيح وأما قول هذا القائل الذي قال ورواية مسلم إلى آخره فقد رويناه فيما مضى في الباب الذي قبله ولأن هذا الحديث مشتمل على حكمين مقرونين أحدهما النهي عن بيع الثمر بالتمر والآخر الترخيص في العرايا ولا يلزم من ذكرهما مقرونين أن يكون حكمهما واحدا ثم خرج أحدهما عن الآخر لأن كلا منهما كلام مستقل بذاته وقد يقرن الشيء بالشيء وحكمهما مختلف ونظائر هذا كثيرة وقد ذكر أهل التحقيق من الأصوليين أن من العمل بالوجوه الفاسدة ما قال بعضهم أن القران في النظم يوجب القران في الحكم وقول زيد بن ثابت أنه رخص في بيع العرية كلام تام لا يفتقر إلى ما يتم به فإن قلت الاستثناء في الحديث يقتضي أن العرايا قد خرجت من صدر الكلام فيقتضي أن تكون الرخصة بعد المنع قلت الاستثناء من قوله ولا يباع شيء منه إلا بالدينار والدرهم ولم تكن العرية داخلة في صدر الكلام الذي هو النهي عن بيع التمر بالثمر لأنها عطية وهبة فلا تدخل تحت البيع حتى يستثنى منه ولما لم يكن بيعا بين بالاستثناء أنه لا يجعل فيها الدينار والدرهم كما في البيع والدليل على كونها هبة ما رواه الطحاوي فقال حدثنا أحمد بن داود قال حدثنا محمد بن عون قال حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله نهى البايع والمبتاع عن المزابنة قال وقال زيد بن ثابت رخص في العرايا في النخلة والنخلتين توهبان للرجل فيبيعهما بخرصهما تمرا ورواه الطبراني أيضا في الكبير ثم قال الطحاوي فهذا زيد بن ثابت وهو أحد من روى عن النبي الرخصة في العرية فقد أخبر أنها الهبة وقال الطحاوي أيضا وقد روى عن النبي أنه قال خففوا في الصدقات فإن في المال العرية والوصية حدثنا بذلك أبو بكرة قال حدثنا أبو عمر الضرير قال أخبرنا جرير بن خازم قال سمعت قيس بن سعد يحدث عن مكحول الشامي عن رسول الله بذلك فدل على أن العرية إنما هي شيء يملكه أرباب الأموال قوما في حياتهم كما يملكون الوصايا بعد مماتهم قلت إسناده صحيح وهو مرسل والمرسل حجة عندنا فإن قلت زيد بن ثابت سمى العرية بيعا حيث قال ورخص بعد ذلك في بيع العرية قلت سماها بيعا لتصورها بصورة البيع لا أنها بيع حقيقة لانعدام القبض ولأنها لو جعلت بيعا حقيقة لكان بيع الثمر بالتمر إلى أجل وأنه لا يجوز بلا خلاف وقد ذكرنا هذا مرة فيما مضى .
135 - ( حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال سمعت مالكا وسأله عبيد الله بن الربيع قال أحدثك داود عن أبي سفيان عن أبي هريرة Bه أن النبي رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق قال نعم )