والوسدة المخدة والجمع وسد ووسائد وسدته كذا أي جعلته له وسادة وتوسد الشيء جعله تحت رأسه وقال بعضهم قوله وسد أي جعل له غير أهله وسادا قلت ليس معناه كذا بل المعنى إذا وضعت وسادة الأمر لغير أهلها والمراد من الأمر جنس الأمر الذي يتعلق بالدين فإذا وضعت وسادته لغير أهلها تهان وتحقر على ما نبينه عن قريب قوله فانتظر أمر من الإنتظار .
بيان الإعراب قوله بينما أصله بين فزيدت عليه ما وهو ظرف زمان بمعنى المفاجأة قوله النبي مبتدأ وقوله يحدث القوم جملة من الفعل والفاعل والمفعول خبره ويحدث يقتضي مفعولين وأحد المفعولين ههنا محذوف لدلالة السياق عليه والقوم هم الرجال دون النساء وقد تدخل النساء فيه على سبيل التبع لأن قوم كل نبي رجال ونساء جمعه أقوام وجمع الجمع أقاوم وقوله في مجلس حال قوله جاءه أعرابي جملة من الفعل والفاعل وهو أعرابي والمفعول وهو الضمير المنصوب في جاءه العائد إلى النبي وهو جواب بينما وهو العامل في بينما وقال الأصمعي الأفصح في جوابه أن لا يكون بإذ وإذا وقال غيره بالعكس والصواب معه لورود الحديث هكذا وقيل بينما ظرف يتضمن معنى الشرط فلذلك اقتضى جوابا وفيه نظر قوله متى الساعة مبتدأ وخبر وكلمة متى ههنا للاستفهام قوله يحدث أي يحدث القوم وفي بعض الروايات بحديثه بحرف الجر وفي رواية المستملي والحموي يحدثه بزيادة الهاء وليست في رواية الباقين والضمير المنصوب فيه لا يعود على الأعرابي وإنما التقدير يحدث القوم الحديث الذي كان فيه فإن قلت ما محل يحدث من الإعراب قلت محلها النصب على الحال من الضمير الذي في مضى قوله فقال بعض القوم من ههنا إلى قوله لم يسمع جملة معترضة فإن قلت هل يجوز الاعتراض بالفاء قلت نعم جائز قوله سمع أي بالنبي قوله ما قال أي الأعرابي وما موصولة وقال جملة صلته والعائد محذوف أي ما قاله والجملة مفعول سمع ويجوز أن تكون ما مصدرية أي سمع قوله وكذلك الكلام في قوله فكره ما قال قوله بل لم يسمع قال الكرماني علام عطف بل لم يسمع إذ لا يصح أن يعطف على ما تقدم إذ الإضراب إنما يكون عن كلام نفسه بل لا يصح عطف أصلا على كلام غير العاطف قلت لا نسلم امتناع صحة العطف والإضراب بين كلام متكلمين وما الدليل عليه سلمنا لكن يكون الكل من كلام البعض الأول كأنه قال البعض الآخر للبعض الأول قل بل لم يسمع أو كلام البعض الآخر بأن يقدر لفظ سمع قبله كأنه قال سمع بل لم يسمع قلت هذا كله تعسف نشأ من عدم الوقوف على أسرار العربية فنقول التحقيق هاهنا أن كلمة بل حرف إضراب فإن تلاها جملة كان معنى الإضراب إما الإبطال وإما الانتقال عن غرض إلى غرض وإن تلاها مفرد فهي عاطفة وههنا تلاها جملة أعني قوله لم يسمع فكان الإضراب بمعنى الإبطال قوله حتى إذا قضى يتعلق بقوله فمضى يحدث لا بقوله لم يسمع قوله قال أين أراه السائل أي قال النبي وقوله أراه بضم الهمزة معناه أظن وهو شك من محمد بن فليح ورواه الحسن بن سفيان وغيره عن عثمان بن أبي شيبة عن يونس عن محمد بن فليح من غير شك ولفظه قال أين السائل فإن قلت السائل مرفوع بماذا قلت مرفوع على ابتداء وخبره قوله أين مقدما وأين سؤال عن المكان بنيت لتضمنها حرف الاستفهام وقول بعضهم السائل بالرفع على الحكاية خطأ بل هو رفع على الابتداء كما قلنا وقوله أراه جملة معترضة بين المبتدأ والخبر والمعنى أظن أنه قال أين السائل قوله قال أي الأعرابي ها حرف التنبية وفي ( العباب ) هاء بالمد تكون تنبيها بمعنى جوابا وقال الجوهري ها قد تكون جواب النداء تمد وتقصر وأيضا ها مقصورة للتقريب إذا قيل لك أين أنت تقول ها أناذا قوله أنا مبتدأ وخبره محذوف أي أنا سائل وإنما ترك العاطف عند قال في الموضعين السؤال والجواب لأن المقام كان مقام المقاولة والراوي يحكي ذلك كأنه لما قال الأعرابي ذلك سأل سائل ماذا قال النبي في جوابه وبالعكس قوله فإذا ضيعت الأمانة كلمة إذا تضمن معنى الشرط ولهذا جاء جوابها بالفاء وهو قوله فانتظر الساعة قوله قال كيف إضاعتها أي قال الأعرابي كيف إضاعة الأمانة وفي بعض النسخ فقال بالفاء وما بعده من قال في الموضعين بلا فاء ووجهه أن السؤال عن كيفية الإضاعة متفرع على ما قبله فلهذا عقبه بالفاء بخلاف اختيه قوله قال إذا وسد الأمر إلى غير أهله جواب لقوله كيف إضاعتها فإن قلت السؤال إنما هو عن كيفية الإضاعة لقوله كيف والجواب هو بالزمان لا بيان الكيفية فما وجهه قلت متضمن للجواب إذ يلزم منه بيان