ليس هو كما قال بل هو صحيح في الرواية صحيح المعنى لأن قوله غيره يتناول العمرة وغيرها ويكون تقدير الكلام ثم حج أبو بكر رضي الله تعالى عنه فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره أي غير الحج ولم يفسخه إلى غيره لا عمرة ولا قران قوله ثم حججت مع أبي الزبير بن العوام أي مع والدي وهو الزبير وقوله الزبير بدل من أبي قاله النووي والأظهر أنه عطف بيان قوله فلما مسحوا الركن أي الحجر الأسود حلوا أي صاروا حلالا قال النووي المراد بالماسحين من سوى عائشة وإلا فعائشة رضي الله تعالى عنها لم تمسح الركن قبل الوقوف بعرفات في حجة الوداع بل كانت قارنة ومنعها الحيض من الطواف قبل يوم النحر .
ثم جئنا إلى شرح حديث البخاري فقوله بدأ وقوله قدم تنازعا في العمل قوله ثم لم تكن عمرة قال عياض كان السائل لعروة إنما سأله عن فسخ الحج إلى العمرة على مذهب من رأى ذلك فأعلمه عروة أن النبي لم يفعل ذلك بنفسه ولا من جاء بعده وفي إعراب عمرة وجهان الرفع على أن كان تامة ويكون معناه ثم لم تحصل عمرة والنصب على أن كان ناقصة ويكون معناه ثم لم تكن تلك الفعلة عمرة وقد ذكرنا أنه وقع في رواية مسلم غيره بدل عمرة وقد مضى الكلام فيه آنفا قوله مثله أي مثل حج النبي قوله ثم حججت مع أبي الزبير أي حجة مصاحبة مع أبي أي مع والدي وهو الزبير بن العوام وقوله الزبير بدل من أبي أو عطف بيان وهكذا وقع في رواية مسلم وقد ذكرناها آنفا ووقع في رواية الكشميهني ثم حججت مع ابن الزبير يعني أخاه عبد الله بن الزبير قال عياض وهو تصحيف وجه ذلك أنه وقع في طريق آخر في الحديث على ما يأتي مع أبي الزبير بن العوام وفيه بعد ذكر أبي بكر وعمر ذكر عثمان ثم معاوية وعبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم قال ثم حججت مع أبي الزبير فذكره وقد عرف أن قتل الزبير كان قبل موت معاوية وابن عمر وكان قتل الزبير ابن العوام يوم الجمل في جمادي الأولى سنة ست وثلاثين وقبره بوادي السباع ناحية البصرة وكان موت معاوية بن أبي سفيان في رجب سنة تسع وخمسين وموت عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما كان سنة ثلاث وسبعين وقال الواقدي سنة أربع وسبعين وكانت وفاتخ بمكة المشرفة قوله وأخبرتني أمي وهي أسماء بنت أبي بكر الصديق وأختها عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهم فإن قلت لم تطف عائشة في تلك الحجة لأجل حيضها فما وجه ذكرها هنا قلت يحمل على أنه أراد حجة أخرى غير حجة الوداع وقد حجت عائشة رضي الله تعالى عنها بعد النبي كثيرا قوله فلما مسحوا الركن أي الحجر الأسود ومسحه يكون في أول الطواف ولكن لا يحصل التحلل بمجرد المسح في أول الطواف فلا بد من التقدير وتقديره فلما مسحوا الركن وأتموا طوافهم وسعيهم وحلقوا حلوا وحذفت هذه المقدرات للعلم بها لظهورها وقد أجمعوا على أنه لا يتحلل قبل تمام الطواف .
تم مذهب الجمهور أنه لا بد أيضا من السعي بعده ثم الحلق أو التقصير وقال الكرماني لا حاجة إلى التأويل إذ مسح الركن كناية عن الطواف سيما والمسح يكون أيضا في الأطواف السبعة فالمراد لما فرغوا من الطواف حلوا وأما السعي والحلق فهما عند بعض العلماء ليسا بركنين انتهى قلت لا بد من التأويل لأن الكلام على مذهب الجمهور كما ذكرناه وأراد بقوله عند بعض العلماء ما ذهب إليه ابن عباس وابن راهويه من أن المعتمر يتحلل بعد الطواف فلا حاجة إلى السعي وقد ردوا عليهما ذلك وقال ابن التين قوله فلما مسحوا حلوا يريد ركن المروة وأما ركن البيت فلا يحل بمسحه حتى يسعى بين الصفا والمروة وقال بعضهم وهو متعقب برواية أبي الأسود عن عبد الله مولى أسماء عن أسماء قالت اعتمرت أنا وعائشة والزبير وفلان وفلان فلما مسحنا البيت أحللنا وسيأتي هذا في أبواب العمرة انتهى قلت يقدر هنا أيضا ما قدر في قوله فلما مسحوا الركن حلوا فلا اعتراض حينئذ .
ذكر ما يستفاد منه فيه مطلوبية الوضوء للطواف واختلفوا هل هو واجب أو شرط فقال أبو حنيفة ليس بشرط فلو طاف على غير وضوء صح طوافه فإن كان ذلك للقدوم فعليه صدقة وأن كان طواف الزيارة فعليه شاة وقال مالك والشافعي وأحمد هو شرط وفيه أن أول شيء يفعله داخل الحرم الابتداء بالطواف للقدوم واستثنى الشافعي من هذا المرأة الجميلة والشريفة التي لا تبرز للرجال فيستحب لها تأخير الطواف ودخول المسجد إلى الليل لأنه أستر لها وأسلم من الفتنة وقال