رقاق كأنها ظل إذا مرت من تحت السحاب الكثيرة قال أبو عبيدة وأكثر ما يكون ذلك في الخريف وقال يعقوب عن الباهلي يقال ما على السماء قزعة أي شيء من غيم وفي تهذيب الأزهري كل شيء متفرق فهو قزع قوله حتى ثار السحاب بالثاء المثلثة أي هاج يقال ثار الشيء يثور إذا ارتفع وانتشر قوله كأمثال الجبال أي لكثرتها وإطباقها وجه السماء قوله يتحادر أي ينزل ويقطر وهو يتفاعل من الحدور وهو ضد الصعود ويقال حدر في قراءته إذا أسرع وكذلك في أذانه وهو يتعدى ولا يتعدى وأصل باب التفاعل للمشاركة بين قوم وههنا ليس كذلك لأن تفاعل قد تجيء بمعنى فعل مثل توانيت أي ونيت وهذا كذلك ومعناه يحدر قوله فمطرنا يومنا ذلك بضم الميم وكسر الطاء معناه حصل لنا المطر يقال مطرت السماء تمطر ومطرتهم تمطرهم مطرا وأمطرتهم أصابتهم بالمطر وأمطرهم الله بالعذاب خاصة ذكره ابن سيده وقال الفراء قطرت السماء وأقطرت مثل مطرت السماء وأمطرت وفي الجامع مطرت السماء تمطر مطرا فالمطر بالسكون المصدر والمصدر بالحركة الاسم وفيه لغة أخرى مطرت تمطر مطرا وكذا أمطرت السماء تمطر وفي الصحاح مطرت السماء وأمطرها الله وناس يقولون مطرت السماء وأمطرت بمعنى قوله يومنا منصوب على الظرفية يعني في يومنا ذلك قوله ومن الغد كلمة من إما بمعنى في أي في الغد وإما تبعيضية قوله حتى الجمعة الأخرى مثل أكلت السمكة حتى رأسها في جواز الحركات الثلاث في مدخولها أما النصب فعلى أن حتى عاطفة على المنصوب قبله وأما الرفع فعلى أن مدخولها مبتدأ وخبره محذوف وأما الجر فعلى أن حتى جارة قوله حوالينا بفتح اللام وفي مسلم حولنا وكلاهما صحيح يقال قعدوا حوله وحواله وحواليه أي مطيفين به من جوانبه وهو ظرف متعلق بمحذوف تقديره اللهم أنزل أو أمطر حوالينا ولا تنزل علينا ( فإن قلت ) إذا مطرت حول المدينة فالطريق ممتنعة فإذا لم يزل شكواهم ( قلت ) أراد بحوالينا الآكام والضراب وشبههما كما في الحديث فتبقى الطرق على هذا مسلوكة كما سألوا قوله ولا علينا أي ولا تمطر علينا أراد به الأبنية قوله إلا انفرجت أي إلا انكشفت وقال ابن القاسم معناه تدورت كما يدور جيب القميص وقال ابن وهب معناه انقطعت عن المدينة كما ينقطع الثوب وقال ابن شعبان خرجت عن المدينة كما يخرج الجيب عن الثوب قوله مثل الجوبة بفتح الجيم وسكون الواو وفتح الباء الموحدة قال الداودي أي صارت مستديرة كالحوض المستدير وأحاطت بها المياه ومنه قوله تعالى وجفان كالجواب وقال ابن التين هذا عندي وهم لأن اشتقاق الجابية من جبا العين بكسر الجيم مقصور وهو ما جمع فيها من الماء فيكون اسم الفعلة منه جبوة وإنما من باب جاب يجوب إذا قطع من قوله تعالى جابوا الصخر بالواد فالعين منه واو فتكون الفعلة منه جوبة كما في الحديث وقال الجوهري الجوبة الفرجة من السحاب والجبال وقال ابن فارس الجوبة كالغائط من الأرض وقال الخطابي هي الترس وفي حديث آخر فبقيت المدينة كالترس وقال والجوبة أيضا الوهدة المنقطعة عما علا عن الأرض وجاء في حديث آخر مثل الإكليل أي دار بها السحاب قوله الوادي قناة بفتح القاف وتخفيف النون وهو علم لبقعة غير منصرف مرفوع لأنه بدل عن الوادي والوادي مرفوع لأنه فاعل سال والقناة اسم واد من أودية المدينة قال الكرماني وفي بعض الروايات قناة بالنصب والتنوين فهو بمعنى البئر المحفور أي سال الوادي مثل القناة وفي بعض الروايات قناة بالجر بإضافة الوادي إليها قوله بالجودة بفتح الجيم وسكون الواو وفي آخره دال مهملة وهو المطر الغزير الواسع يقال جادهم المطر يجودهم جودا .
( ذكر ما يستفاد منه ) فيه معجزة ظاهرة للنبي في إجابة دعائه متصلا به في الدعاء فإنه لم يسأل رفع المطر من أصله بل سأل دفع ضرره وكشفه عن البيوت والمرافق والطرق بحيث لا يتضرر به ساكن ولا ابن سبيل وسأل بقاءه في مواضع الحاجة بحيث يبقى نفعه وخصبه في بطون الأودية ونحوها وفيه استحباب طلب انقطاع المطر عن المنازل إذا كثر وتضرروا به وفيه رفع اليدين في الخطبة واختلف العلماء في رفع اليدين عند الدعاء فكرهه مالك في رواية وأجازه غيره في كل الدعاء وبعض العلماء جوزوه في الاستسقاء فقط وقال جماعة من العلماء السنة في دعاء رفع البلاء أن يرفع يديه ويجعل ظهرهما إلى السماء وفي دعاء سؤال شيء وتحصيله يجعل بطنهما إلى السماء وعن مالك بن يسار أن رسول الله قال إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها وقال فيما رواه سلمان الفارسي