54 - ( حدثنا علي بن عبدالله قال حدثنا سفيان عن عمرو سمع جابرا قال دخل رجل يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلّم يخطب فقال أصليت قال لا قال قم فصل ركعتين ) .
مطابقته للترجمة في قوله ( فصل ركعتين ) قيل في الترجمة قيد الركعتين بقوله ( ( خفيفتين ) ) وليس في الحديث هذا القيد فلم تقع المطابقة تامة ( وأجيب ) بأن من عادته أن يشير إلى ما وقع في بعض طرق الحديث وهذا القيد وقع في سنن أبي داود قرة عن الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بلفظ ( ( قم فاركع ركعتين خفيفتين ) ) ووقع في مسلم بمعناه بلفظ ( ( وتجوز فيهما ) ) وهذا الحديث هو المذكور في الباب عن علي بن عبدالله المعروف بابن المديني عن سفيان بن عيينة عن عمرو عن جابر والفرق بينهما في بعض الألفاظ ففي حديث الباب الأول لم يصرح بسماع عمرو عن جابر وهاهنا قد صرح بقوله عن عمرو سمع جابرا ونسب عمرا إلى أبيه دينار وفي الحديث الأول وهاهنا لم ينسبه وقوله ( ( أصليت ) ) بهمزة الاستفهام وفي رواية كريمة والمستملي وفي رواية غيرهما بحذف الهمزة كما في الحديث السابق قوله ( ( قال قم فصل ) ) هكذا في رواية أبي ذر ( ( قال قم فصل ) ) وقد مر الكلام فيه مستوفى في بيان حكم رفع اليدين وفي الباب السابق .
( باب رفع اليدين في الخطبة ) .
أي هذا الباب في بيان حكم رفع اليدين في الخطبة .
55 - ( حدثنا قال حدثنا حماد بن زيد عن عبدالعزيز عن أنس وعن يونس عن ثابت عن أنس قال بينما النبي صلى الله عليه وسلّم يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال يارسول الله هلك الكراع وهلك الشاء فادع الله أن يسقينا فمد يديه ودعا ) .
مطابقته للترجمة في قوله ( ( فمد يديه ودعا ) ) ( فإن قلت ) في الترجمة رفع اليدين وفي الحديث المد ومن أين التطابق ( قلت ) في الحديث الذي بعده ( ( فرفع يديه ) ) كلفظ الترجمة فكأنه أشار بذلك إلى أن المراد بالرفع هنا المد لا كالرفع الذي في الصلاة وأخرج هذا الحديث من طريقين الأول عن مسدد عن حماد بن زيد عن عبدالعزيز بن صهيب عن أنس والثاني عن مسدد أيضا عن حماد بن زيد عن يونس بن عبيد عن أنس والرجال كلهم بصريون والبخاري أخرجه بالطريق الأول أيضا في علامات النبوة عن مسدد وأخرجه أبو داود نحوه عن مسدد بالطريق الثاني أخرجه النسائي عن حماد بن زيد عن يونس عن ثابت عن أنس وهذا طرف من حديث أنس في الاستسقاء أخرجه مطولا ومختصرا في مواضع عديدة على ما يأتي إن شاء الله تعالى قوله ( بينما ) أصله بين فزيدت فيه الألف والميم وقد تكرر ذكره فيما مضى وأضيف إلى الجملة بعده وقوله ( ( إذ قام ) جوابه وفي الحديث الذي بعده ( ( قام أعرابي ) ) وفي أخرى ( فقام المسلمون ) وفي أخرى ( ( جاء من نحو دار القصار ) ) وفي أخرى الاستسقاء ( ( فقام الناس فصاحوا يارسول الله قحط المطر ) ) قوله ( ( الكراع ) ) بضم الكاف وضبطه بعضهم عن الأصيلي بالكسر وهو خطأ وهو اسم لجمع الخيل قوله ( الشاء ) جمع شاة وأصل الشاة شاهة لأن تصغيرها شويهة والجمع شياه بالهاء في العدد تقول تقول ثلاث شياه فإذا جاوزت فبالتاء فغذا كثرت قيل هذه شاء كثير وجمع الشاء شوى قوله ( فمد يديه ) قد ذكرنا أن المراد من المد ليس الرفع كما في الصلاة .
( باب الاستسقاء في الخطبة يوم الجمعة ) .
أي هذا باب في بيان الاستسقاء الاستسقاء استفعال وهو طلب السقيا بضم السين وهو المطر يقال سقى الله عباده الغيث واسقاهم وأسقيت فلانا إذا طلبت منه أن يسقيك وفي المطالع يقال سقى وأسقى بمعنى واحد .
عمدة القاري ج6 ص 236 .
56 - ( حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا أبو عمرو قال حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال أصابت الناس سنة على عهد النبي فبينا النبي يخطب في يوم جمعة قام أعرابي فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه وما نرى في السماء قزعة فوالذي نفسي بيده وما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته فمطرنا يومنا ذلك ومن الغد وبعد الغد والذي يليه حتى الجمعة الأخرى وقام ذلك الأعرابي أو قال غيره فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله لنا فرفع يديه فقال اللهم حوالينا ولا علينا فما يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا انفرجت وصارت المدينة مثل الجوبة وسال الوادي قناة شهرا ولم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود ) .
مطابقته للترجمة في قوله فرفع يديه لأنه إنما رفعهما لكونه استسقى فببركته وبركة دعائه أنزل الله المطر حتى سال الوادي قناة شهرا .
( ذكر رجاله ) وهم خمسة والأوزاعي اسمه عبد الرحمن بن عمرو ونسبته إلى الأوزاع وهي من قبائل شتى وقال ابن الأثير نسبته إلى الأوزاع بطن من ذي الكلاع من اليمن وقيل نسبته إلى الأوزاع قرية بدمشق .
( ذكر لطائف إسناده ) فيه التحديث بصيغة الجمع في ثلاثة مواضع وبصيغة الإفراد في موضع وفيه العنعنة في موضع وفيه القول في ثلاثة مواضع وفيه أن شيخه من أفراده وفيه أحد الرواة مذكور بكنيته ونسبته وفيه أن شيخه مدني واثنان بعده دمشقيان والذي بعدهما مدني أيضا .
( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) أخرجه البخاري أيضا في الاستسقاء عن الحسن بن بشر وفي الاستئذان عن محمد بن مقاتل وأخرجه مسلم في الصلاة عن داود بن رشيد وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن خالد كلاهما عن الوليد به .
( ذكر معناه ) قوله سنة بفتح السين أي شدة وجهد من الجدوبة وهو من قوله تعالى ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين وأصل السنة سنهة بوزن جبهة فحذفت لامها ونقلت حركتها إلى النون فبقيت سنة لأنها من سنهت النخل وتسنهت إذا أتى عليها السنون وقيل أن أصلها سنوة بالواو فحذفت كما حذفت الهاء لقولهم تسنيت عنده إذا أقمت عنده سنة فلهذا يقال على الوجهين استأجرته مسانهة ومساناة وأما السنة التي هي أول النوم فبكسر السين وأصله وسن لأنه من الوسن بفتحتين يقال وسن يوسن كعلم يعلم سنة فحذفت الواو وعوضت منها الهاء كما في عدة قوله على عهد النبي أي على زمنه قوله فبينا قد مر الكلام فيه في الباب الذي قبله قوله قام أعرابي الأعرابي نسبة إلى الأعراب لأنه لا واحد له وليس هو جمعا لعرب وإنما الأعراب سكان البادية خاصة والعرب جيل من الناس والنسبة إليه عربي بين العروبة وهم أهل الأمصار وقال ابن الأثير الأعراب ساكنوا البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة والعرب اسم لهذا الجيل المعروف من الناس ولا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية أو المدن والنسبة إليها أعرابي وعربي قوله هلك المال المراد بالمال هنا وما بعده الحيوان كذا فسره في حديث الموطأ ومعنى هلك المال يعني الحيوانات هلكت إذ لم تجد ما ترعى قوله والعيال قال الجوهري عيال الرجل من يعوله وواحد العيال عيل والجمع عيايل مثل جيد جياد وجيايد وأعال الرجل أي كثر عياله فهو معيل وامرأة معيلة قال الأخفش أي صار ذا عيال وذكر الجوهري هذه المادة في عيل في الياء آخر الحروف وذكره ابن الأثير في عول في الواو ثم قال يقال عال الرجل عياله يعولهم إذا قام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة وغيرهما وقال الكسائي يقال عال الرجل يعول إذا كثر عياله واللغة الجيدة أعال يعيل قوله قزعة بالقاف والزاي والعين المهملة المفتوحات وهي القطعة من السحاب وفي المحكم القزع قطع من السحاب