ذكر معناه قوله متعطفا أي مرتديا يقال تعطفت بالعطاف أي ارتديت بالرداء والتعطف التردي بالرداء وسمي الرداء عطافا لوقوعه على عطف الرجل وهما ناحيتا عنقه ومنكب الرجل عطفه وكذلك العطف وقد اعتطف به وتعطف ذكره الهروي وفي ( المحكم ) الجمع العطف وقيل المعاطف الأردية لا واحد لها قوله ملحفة بكسر الميم وهو الإزار الكبير قوله على منكبه ويروى منكبيه بالتثنية قوله بعصابة دسمة وفي رواية دسما ذكرها في اللباس وضبط صاحب ( المطالع ) دسمة بكسر السين وقال الدسماء السوداء وقيل لونه لون الدسم كالزيت وشبهه من غير أن يخالطها شيء من الدسم وقيل متغيرة اللون من الطيب والغالية وزعم الداودي أنها على ظاهرها من عرقه في المرض وقال ابن دريد الدسمة غبرة فيها سواد والعصابة العمامة سميت عصابة لأنها تعصب الرأس أي تربطه ومنه الحديث أمرنا أن نمسح على العصائب قوله إلي بتشديد الياء متعلق بمحذوف تقديره تقربوا إلي قوله فتابوا إليه أي اجتمعوا إليه من ثاب بالثاء المثلثة يثوب إذا رجع وهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة ومنه قوله تعالى وإذ جعلنا البيت مثابة للناس ( البقرة 125 ) أي مرجعا ومجتمعا قوله ثم قال أما بعد أي بعد الحمد لله والثناء عليه قوله هذا الحي من الأنصار وهم الذين نصروا رسول الله من أهل المدينة قوله يقلون وفي رواية حتى يكونوا في الناس بمنزلة الملح في الطعام هو من معجزاته وإخباره عن المغيبات فإنهم الآن فيهم القلة قوله فليقبل من محسنهم أي الحسنة ويتجاوز أي يعف وذلك في غير الحدود .
ذكر ما يستفاد منه فيه أنه كان إذا أراد المبالغة في الموعظة طلع المنبر فيتأسى به وفيه الخطبة بالوصية وفيه فضيلة الأنصار وفيه البداءة بالحمد والثناء وفيه الإخبار بالغيب لأن الأنصار قلوا وكثر الناس وفيه دليل على أن الخلافة ليست في الأنصار إذ لو كانت فيهم لأوصاهم ولم يوص بهم وفيه من جوامع الكلم لأن الحال منحصر في الضر أو النفع والشخص في المحسن والمسيىء .
30 - .
( باب القعدة بين الخطبتين يوم الجمعة ) .
أي هذا باب في بيان القعدة الكائنة بين الخطبتين يوم الجمعة إنما لم يبين حكم هذه القعدة هل هي واجبة أم سنة لأن الحديث حكاية حال ولا عموم له .
928 - حدثنا ( مسدد ) قال حدثنا ( بشر بن المفضل ) قال حدثنا ( عبيد الله بن عمر ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) قال كان النبي يخطب خطبتين يقعد بينهما ( انظر الحديث 920 ) .
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه يدل على أن رسول الله كان يقعد بين الخطبتين .
ورجاله قد تكرر ذكرهم ورواه مسلم عن عبيد الله بن عمر القواريري والنسائي عن إسماعيل بن مسعود وابن ماجه عن يحيى بن خلف ورواه النسائي أيضا من رواية عبد الرزاق بلفظ كان يخطب خطبتين بينهما جلسة وفي لفظ مرتين مكان خطبتين ورواه أبو داود من رواية عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال كان النبي يخطب خطبتين كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ أراه المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس ولا يتكلم ثم يقوم فيخطب واستدل به على مشروعية الجلوس بين الخطبتين ولكن هل هو على سبيل الوجوب أو على سبيل الندب فذهب الشافعي إلى أن ذلك على سبيل الوجوب وذهب أبو حنيفة ومالك إلى أنها سنة وليست بواجبة كجلسة الاستراحة في الصلاة عند من يقول باستحبابها وقال ابن عبد البر ذهب مالك والعراقيون وسائر فقهاء الأمصار إلا الشافعي إلى أن الجلوس بين الخطبتين سنة لا شيء على من تركها وذهب بعض الشافعية إلى أن المقصود الفصل ولو بغير الجلوس حكاه صاحب ( الفروع ) وقيل الجلسة بعينها ليست معتبرة وإنما المعتبر حصول الفصل سواء حصل بجلسة أو بسكتة أو بكلام من غير ما هو فيه وقال القاضي ابن كج إن هذا الوجه غلط وقال ابن قدامة هي مستحبة للاتباع وليست بواجبة في قول أكثر أهل العلم لأنها جلسة ليس فيها ذكر مشروع فلم تكن واجبة وفي ( التوضيح ) وصرح إمام الحرمين بأن الطمأنينة بينهما واجبة وهو خفيف جدا قدر قراءة سورة الإخلاص تقريبا وفي وجه شاذ يكفي السكوت في حق القائم لأنه فصل وذكر ابن التين أن مقدارها كالجلسة بين السجدتين وعزاه لابن القاسم