من غير تعيين فيكون الاقتداء به في صلاة مجهولة فلا يصح وقال بعضهم وأما استدلال الطحاوي على أنه نهى معاذا عن ذلك بقوله في حديث سليم بن الحارث إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك ودعواه أن معناه إما أن تصلي معي ولا تصلي بقومك وإما أن تخفف عن قومك ولا تصلي معي فيه نظر لأن للمخالف أن يقول بل التقدير إما أن تصلي معي فقط إذا لم تخفف وإما أن تخفف بقومك فتصلي معي وهو أولى من تقديره لما فيه من مقابلة التخفيف بترك التخفيف لأنه هو المسؤول عنه المتنازع فيه قلت الذي قدره المخالف باطل لأن لفظ الحديث لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك فهذا يدل على أنه يفعل أحد الأمرين إما الصلاة معه أو بقومه ولا يجمعهما فدل على أن المراد عدم الجمع والمنع وكل أمرين بينهما منع الجمع كان بين نقضيهما منع الخلو كما قد بين هكذا في موضعه .
ومما يستفاد منه استحباب تخفيف الصلاة مراعاة لحال المأمومين لما روى البخاري ومسلم من حديث الأعرج عن أبي هريرة أن النبي قال إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإنما فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء فهذا يدل على أن الإمام ينبغي له أن يراعي حال قومه وهذا لا خلاف فيه لأحد ومن ذلك أن الحاجة من أمور الدنيا عذر في تخفيف الصلاة وقال بعضهم وفيه جواز إعادة الصلاة الواحدة في اليوم مرتين فإن قلت ليس هذا بمطلق لأن إعادته على سبيل أنهما فرض ممنوعة بالنص كما ذكرنا عن قريب وقال بعضهم أيضا وفيه جواز خروج المأموم من الصلاة لعذر وأما بغير عذر فاستدل به بعضهم أي بالحديث المذكور قلت في ( شرح المهذب ) اختلف العلماء فيمن دخل مع إمام في صلاة فصلى بعضها هل يجوز له أن يخرج منها فاستدل أصحابنا بهذا الحديث على أن للمأموم أن يقطع القدوة ويتم صلاته منفردا وإن لم يخرج منها وفي هذه المسألة ثلاثة أوجه أصحها أنه يجوز لعذر ولغير عذر والثاني لا يجوز مطلقا والثالث يجوز لعذر ولا يجوز لغيره وتطويل القراءة عذر على الأصح قلت أصحابنا لا يجوزون شيئا من ذلك وهو مشهور مذهب مالك وعن أحمد روايتان لأن فيه إبطال العمل والقرآن قد منع عن ذلك ومن ذلك جواز صلاة المنفرد في المسجد الذي يصلي فيه بالجماعة وقال بعضهم إذا كان بعذر قلت يجوز مطلقا ومن ذلك جواز القول بالبقرة لأن معناه السورة التي تذكر فيها البقرة وورد أيضا بسورة البقرة كما ذكرنا ومن ذلك الإنكار في المكروهات والاكتفاء في التعزير بالكلام .
61 - .
( باب تخفيف الإمام في القيام وإتمام الركوع والسجود ) .
أي هذا باب في بيان حكم تخفيف الإمام في القيام وفي حكم إتمام الركوع والسجود وقال الكرماني الواو في وإتمام بمعنى مع كأنه قال باب التخفيف بحيث لا يفوته شيء من الواجبات فهو تفسير لقوله في الحديث فليتجوز لأنه لا يأمر بالتجوز المؤدي إلى فساد الصلاة قلت لا يحتاج إلى هذا التكلف لأن المأمور به في نفس الأمر هو إتمام جميع الأركان وإنما ذكر التخفيف في القيام لأنه مظنة التطويل .
702 - حدثنا ( أحمد بن يونس ) قال حدثنا ( زهير ) قال حدثنا ( إسماعيل ) قال سمعت ( قيسا ) قال أخبرني ( أبو مسعود ) أن رجلا قال والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت رسول الله في موعظة أشد غضبا منه يومئذ ثم قال إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة .
مطابقته للترجمة من حيث إنه أمر الأئمة بتخفيف الصلاة على القوم فإن قلت كيف المطابقة والأمر بالتخفيف في الحديث أعم وفي الترجمة خص التخفيف بالقيام قلت لما ذكرنا الآن أن القيام مظنة التطويل في غالب الأحوال وغير القيام لا يشق إتمامه على أحد وإن كان تطويله يشق وقال صاحب ( التلويح ) وكأن البخاري ركب من حديث معاذ وأبي مسعود ترجمة فإن في حديث معاذ تخفيف القيام خاصة وبينه بالقراءة هنا في القيام وبقي الركوع والسجود