بهذا التعليق إلى أن قصة بني سلمة كانت سبب نزول هذه الآية وقد ورد مصرحا به من طريق سماك عن عكرمة عن ابن عباس أخرجه ابن ماجه وقد ذكرناه عن قريب .
( ذكر ما يستفاد منه ) فيه الدلالة على كثرة الأجر لكثرة الخطا في المشي إلى المسجد وسئل أبو عبد الله بن لبابة عن الذي يدع مسجده ويصلي في المسجد الجامع للفضل في كثرة الناس قال لا يدع مسجده وإنما فضل المسجد الجامع للجمعة فقط وعن أنس بن مالك أنه كان يجاوز المساجد المحدثة إلى المساجد القديمة وفعله مجاهد وأبو وائل وأما الحسن فسئل أيدع الرجل مسجد قومه ويأتي غيره فقال كانوا يحبون أن يكثر الرجل قومه بنفسه وقال القرطبي وهذه الأحاديث تدل على أن البعد من المسجد أفضل فلو كان بجوار المسجد فهل له أن يجاوزه للأبعد فكرهه الحسن قال وهو مذهبنا وفي تخطي مسجده إلى المسجد الأعظم قولان واختلف فيمن كانت داره قريبة من المسجد وقارب الخطا بحيث يساوي خطاه من داره بعيدة هل يساويه في الفضل أو لا وإلى المساواة مال الطبري ( فإن قلت ) روى ابن أبي شيبة من طريق أنس قال مشيت مع زيد بن ثابت إلى المسجد فقارب بين الخطا وقال أردت أن تكثر خطانا إلى المسجد ( قلت ) لا يلزم منه المساواة في الفضل وإن دل على أن في كثرة الخطا فضيلة لأن ثواب الخطى الشاقة ليست كثواب الخطى السهلة واستنبط بعضهم من الحديث استحباب قصد المسجد البعيد ولو كان بجنبه مسجد قريب فقيل هذا إذا لم يلزم من ذهابه إلى البعيد هجر القريب وإلا فإحياؤه بذكر الله أولى ثم إذا كان إمام القريب مبتدعا أو لحانا في القراءة أو قومه يكرهونه فله أن يتركه ويذهب إلى البعيد وكذا إذا كان إمام البعيد بهذه الصفة وفي رواحه إليه ليس هجر القريب له أن يترك البعيد ويصلي في القريب وفيه أن أعمال البر إذا كانت خالصة تكتب آثارها حسنات وفيه استحباب السكنى بقرب المسجد إلا لمن حصلت منه منفعة أخرى أو أراد تكثير الأجر بكثرة المشي ما لم يكلف نفسه والدليل على ذلك أنهم طلبوا السكنى بقرب المسجد للفضل الذي علموه منه فما أنكر النبي عليهم ذلك وإنما كره ذلك لدرء المفسدة لإخلائهم جوانب المدينة كما ذكرناه - .
34 - .
( باب فضل صلاة العشاء في الجماعة ) .
أي هذا باب في بيان فضل صلاة العشاء الآخرة حال كونها في الجماعة .
49 - ( حدثنا عمر بن حفص قال حدثنا أبي قال حدثنا الأعمش قال حدثني أبو صالح عن أبي هريرة قال قال النبي ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوا لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم ثم آمر رجلا يؤم الناس ثم آخذ شعلا من نار فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد ) .
مطابقته للترجمة في الجزء الثاني لأنه يدل على زيادة فضيلة العشاء والفجر على غيرهما من الصلوات فوضع الترجمة لبيان فضيلة صلاة العشاء .
( ذكر رجاله ) وهم خمسة فالثلاثة الأول مضت متناسقة في سند حديث أبي الدرداء في باب فضل صلاة الفجر في الجماعة وهم عمر بن حفص بن غياث النخعي الكوفي وهو يروي عن أبيه حفص بن غياث وهو يروي عن سليمان الأعمش وسليمان يروي هناك عن سالم بن أبي الجعد وههنا يروي عن أبي صالح ذكوان السمان وقد مضى هذا مفرقا قوله ليس صلاة أثقل هكذا هو رواية الكشميهني في رواية أبي ذر وكريمة عنه وفي رواية الأكثرين ليس أثقل على المنافقين بحذف اسم ليس وأما وجه تذكير ليس فلان الفعل إذا أسند إلى المؤنث غير الحقيقي يجوز فيه التذكير والتأنيث وقوله أثقل أفعل التفضيل فيدل على أن الصلوات كلها ثقيلة على المنافقين والفجر والعشاء أثقل من غيرهما أما الفجر فلأنه وقت لذة النوم وأما العشاء فلأنه وقت السكون والراحة