وشكوت فلانا إذا أخبرت عنه بسوء فعله بك قوله فطفت أي راكبة على البعير حتى يدل الحديث على الترجمة قوله إلى جنب البيت أي الكعبة لأن البيت علم للكعبة شرفها الله وعظمها وقال الكرماني ( فإن قلت ) الصلاة إلى البيت فما فائدة ذكر الجنب ( قلت ) معناه أنه كان يصلي منها إلى الجنب يعني قريبا من البيت لا بعيدا منه انتهى وقال أبو عمرو صلاته إلى جنب البيت من أجل أن المقام كان حينئذ ملصقا بالبيت قبل أن ينقله عمر رضي الله تعالى عنه من ذلك المكان إلى صحن المسجد انتهى والوجه في ذلك أن البيت كله قبلة فحيث صلى المصلي منه إذا جعله أمامه كان مستحسنا جائزا قوله يقرأ بالطور أي بسورة الطور ولعلها لم تذكر واو القسم لأن لفظ الطور كأنه صار علما للسورة .
( ذكر ما يستفاد منه ) قال ابن بطال فيه جواز دخول الدواب التي يؤكل لحمها ولا ينجس بولها المسجد إذا احتيج إلى ذلك وأما دخول سائر الدواب فلا يجوز وهو قول مالك واعترض عليه بأنه ليس في الحديث دلالة على عدم الجواز مع الحاجة بل ذلك دائر مع التلويث وعدمه فحيث يخشى التلويث يمتنع الدخول وفيه نظر لأن قوله طوفي وأنت راكبة لا يدل على أن الجواز وعدمه دائران مع التلويث بل ظاهره يدل على الجواز مطلقا عند الضرورة وقيل أن ناقته كانت مدربة معلمة فيؤمن منها ما يحذر من التلويث وهي سائرة ( قلت ) سلمنا هذا في ناقة النبي ولكن ما يقال في الناقة التي كانت عليها أم سلمة وهي طائفة ولئن قيل أنها كانت ناقة النبي قيل له يحتاج إلى بيان ذلك بالدليل ومن فوائده أن النساء ينبغي لهن أن يطفن من وراء الرجال لأن بالطواف شبها بالصلاة ومن سنة النساء فيها أن يكن خلف الرجال فكذلك في الطواف ومنها أن راكب الدابة ينبغي له أن يتجنب ممر الناس ما استطاع ولا يخالط الرجالة ومنها أن فيه جواز الطواف راكبا للمعذور ولا كراهة فيه فإن كان غير معذور يعتبر عندنا وعند الشافعي لا يجوز لقوله الطواف بالبيت صلاة ولنا إطلاق قوله تعالى وليطوفوا وهو مطلق والحديث للتشبيه فلا عموم له وبقولنا قال ابن المنذر وجماعة وقال القرطبي الجمهور على كراهة ذلك قلنا نحن أيضا نقول بالكراهة حتى أنه يعيده ما دام بمكة وسيجيء مزيد الكلام فيه في باب الحج إن شاء الله تعالى .
97 - .
( باب ) .
إن لم يقدر شيء قبل لفظ باب أو بعده لا يكون معربا لأن الإعراب لا يكون إلا بعد العقد والتركيب ثم إن البخاري جرت له عادة أنه إذا ذكر لفظ باب مجردا عن الترجمة يدل ذلك على أن الحديث الذي يذكر بعده يكون له مناسبة بأحاديث الباب الذي قبله وههنا لا مناسبة بينهما أصلا بحسب الظاهر على ما لا يخفى لكن تكلف في ذلك فقيل تعلقه بأبواب المساجد من جهة أن الرجلين تأخرا مع النبي في المسجد في تلك الليلة المظلمة لانتظار صلاة العشاء معه وقال بعضهم فعلى هذا كان يليق أن يترجم له فضل المشي إلى المسجد في الليلة المظلمة .
قلت كل واحد من الكلامين غير موجه لأن حديث الباب لا يدل عليه أصلا لأن حديث الباب في الرجلين اللذين خرجا من عند النبي في ليلة مظلمة حتى أتيا أهلهما وقال ابن بطال إنما ذكر البخاري هذا الحديث في باب أحكام المساجد وا تعالى أعلم لأن الرجلين كانا مع النبي في المسجد وهو موضع جلوسه مع أصحابه وأكرمهما الله تعالى بالنور في الدنيا ببركته وفضل مسجده وملازمته قال وذلك آية للنبي وكرامة له قلت هذا أيضا فيه بعد والوجه فيه أن يقال إنهما لما كان في المسجد مع النبي وهما ينتظران صلاة العشاء معه أكرما بهذه الكرامة وللمسجد في حصول هذه الكرامة دخل فناسب ذكر حديث الباب ههنا بهذه الحيثية .
124 - ( حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي قتادة قال حدثنا أنس أن رجلين من أصحاب النبي خرجا من عند النبي