( وقال ابن عمر لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يدع ما حاك في الصدر ) .
عبد الله بن عمر بن الخطاب Bهما القرشي العدو المكي وأمه وأم أخته حفصة زينب بنت مظعون أخت عثمان بن مظعون أسلم بمكة قديما مع أبيه وهو صغير وهاجر معه ولا يصح قول من قال أنه أسلم قبل أبيه وهاجر قبله واستصغر عن أحد وشهد الخندق وما بعدها وهو أحد الستة الذين هم أكثر الصحابة رواية وأحد العبادلة الأربعة وثانيهم ابن عباس وثالثهم عبد الله بن عمرو بن العاص ورابعهم عبد الله بن الزبير ووقع في مبهمات النووي وغيرها أن الجوهري أثبت ابن مسعود منهم وحذف ابن عمرو وليس كما ذكره كما ذكرناه فيما مضى ووقع في شرح الرافعي في الجنايات عد ابن مسعود منهم وحذف ابن الزبير وابن عمرو بن العاص وهو غريب منه روى له ألفا حديث وستمائة وثلاثون حديثا اتفقا منهما على مائة وسبعين حديثا وانفرد البخاري بأحد وثمانين ومسلم بأحد وثلاثين وهو أكثر الصحابة رواية بعد أبي هريرة مات بفخ بالفاء والخاء المعجمة موضع بقرب مكة وقيل بذي طوى سنة ثلاث وقيل أربع وسبعين سنة بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر وقيل بستة عن أربع وقيل ست وثمانين سنة قال يحيى بن بكير توفي بمكة بعد الحج ودفن بالمحصب وبعض الناس يقولون بفخ قلت وقيل بسرف وكلها مواضع بقرب مكة بعضها أقرب إلى مكة من بعض قال الصغاني فخ وادي الزاهر وصلى عليه الحجاج وفي الصحابة أيضا عبد الله بن عمر حرمي يقال أن له صحبة يروى عنه حديث في الوضوء وقد روى مسلم معنى قول ابن عمر Bهما من حديث النواس بن سمعان قال سألت رسول الله عن البر والإثم فقال البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس قوله التقوى هي الخشية قال الله تعالى ( يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا ) ومثله في أول الحج والشعراء ( إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون ) يعني ألا تخشون الله وكذلك قول هود وصالح ولوط وشعيب لقومهم وفي العنكبوت وإبراهيم ( إذ قال لقوم اعبدوا الله واتقوه ) يعني اخشوه ( واتقوا الله حق تقاته ) ( وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ) ( واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس ) وحقيقة التقوى أن يقي نفسه تعاطي ما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك وتأتي في القرآن على معان الإيمان نحو قوله تعالى ( والزمهم كلمة التقوى ) أي التوحيد والتوبة نحو قوله تعالى ( ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا ) أي تابوا والطاعة نحو ( أن انذروا أنه لا إله إلا أنا فاتقون ) وترك المعصية نحو قوله تعالى ( وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله ) أي ولا تعصوه والإخلاص نحو قوله تعالى ( فإنها من تقوى القلوب ) أي من إخلاص القلوب فإن قلت ما أصله قلت أصله من الوقاية وهو فرط الصيانة ومنه المتقي اسم فاعل من وقاه الله فاتقى والتقوى والتقى واحد والواو مبدلة من الياء والتاء مبدلة من الواو إذ أصله وقيا قلت الياء واوا فصار وقوى ثم أبدلت من الواو تاء فصار تقوى وإنما أبدلت من الياء واوا في نحو تقوى ولم تبدل في نحو ريا لأن ريا صفة وإنما يبدلون الياء في فعلى إذا كان اسما والياء موضع اللام كشروى من شريت وتقوى لأنها من التقية وإن كانت صفة تركوها على أصلها قوله حتى يدع أي يترك قال الصرفيون وأما توا ماضي يدع ويذر ولكن جاء ( ما ودعك ربك ) بالتخفيف قوله حاك بالتخفيف من حاك يحيك ويقال حك يحك وأحاك يحيك يقال ما يحيك فيه الملام أي ما يؤثر وقال شمر الحائك الراسخ في قلبك الذي يهمك وقال الجوهري حاك السيف وأحاك بمعنى يقال ضربه فما حاك فيه السيف إذا لم يعمل فيه فالحيك أخذ القول في القلب وفي بعض نسخ المغاربة صوابه ما حك بتشديد الكاف وفي بعض نسخ العراقية ما حاك بالتشديد من المحاكة وقال النووي ما حاك بالتخفيف هو ما يقع في القلب ولا ينشرح له صدره وخاف الإثم فيه وقال التيمي حاك في الصدر أي ثبت فالذي يبلغ حقيقة التقوى تكون نفسه متيقنة للإيمان سالمة من الشكوك وقال الكرماني حقيقة التقوى أي الإيمان لأن المراد من التقوى وقاية النفس عن الشرك وفيه إشارة إلى أن بعض المؤمنين بلغوا إلى كنه الإيمان وبعضهم لا فتجوز الزيادة والنقصان وفي بعض الروايات قال لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان بدل التقوى