الأصحاب بهذه الآية على ان عمل العبد مخلوق لله على اعراب ما مصدرية وأجاب المعتزلة بأن إضافة العبادة والنحت لهم إضافة الفعل للفاعل ولأنه وبخهم ولو لم تكن الأفعال لخلقهم لما وبخهم قالوا ولا نسلم انها مصدرية لأن الأخفش يمنع أعجبني ما قمت أي قيامك وقال انه خاص بالمتعدي سلمنا جوازه لكن لا يمنع ذلك من تقدير ما مفعولا للنحاتين ولموافقة ما ينحتون ولأن العرب تسمي محل العمل عملا فتقول في الباب هو عمل فلان ولأن القصد هو تزييف عبادتهم لا بيان أنهم لا يوجدون أعمال أنفسهم قال وهذه شبهة قوية فالأولى ان لا يستدل بهذه الآية لهذا المراد كذا قال وجرى على عادته في إيراد شبه المخالفين وترك بذل الوسع في أجوبتها وقد أجاب الشمس الأصبهاني في تفسيره وهو ملخص من تفسير الفخر فقال وما تعملون أي عملكم وفيها دليل على أن أفعال العباد مخلوقة لله وعلى أنها مكتسبة للعباد حيث أثبت لهم عملا فأبطلت مذهب القدرية والجبرية معا وقد رجح بعض العلماء كونها مصدرية لأنهم لم يعبدوا الأصنام الا لعملهم لا لجرم الصنم والا لكانوا يعبدونها قبل العمل فكأنهم عبدوا العمل فأنكر عليهم عبادة المنحوت الذي لم ينفك عن العمل المخلوق وقال الشيخ تقي الدين بن تيمية في الرد على الرافضي لا نسلم أنها موصولة ولكن لا حجة فيها للمعتزلة لأن قوله تعالى والله خلقكم يدخل فيه ذاتهم وصفاتهم وعلى هذا إذا كان التقدير والله خلقكم وخلق الذي تعملونه ان كان المراد خلقه لها قبل النحت لزم أن يكون المعمول غير مخلوق وهو باطل فثبت أن المراد خلقه لها قبل النحت وبعده وان الله خلقها بما فيها من التصوير والنحت فثبت انه خالق ما تولد عن فعلهم ففي الآية دلالة على انه تعالى خلق أفعالهم القائمة بهم وخلق ما تولد عنها ووافق على ترجيح انها موصولة من جهة ان السياق يقتضي انه انكر عليهم عبادة المنحوت فناسب ان ينكر ما يتعلق بالمنحوت وأنه مخلوق له فيكون التقدير الله خالق العابد والمعبود وتقدير خلقكم وخلق أعمالكم يعني إذا أعربت مصدرية ليس فيه ما يقتضي ذمهم على ترك عبادته والعلم عند الله تعالى وقد ارتضى الشيخ سعد الدين التفتازاني هذه الطريق وأوضحها ونقحها فقال في شرح العقائد له بعد ان ذكر أصل المسألة وأدلة الفريقين ومنها استدلال أهل السنة بالآية المذكورة والله خلقكم وما تعملون قالوا معناه وخلق عملكم على اعراب ما مصدرية ورجحوا ذلك لعدم احتياجه إلى حذف الضمير قال فيجوز أن يكون المعنى وخلق معمولكم على اعرابها موصولة ويشمل أعمال العباد لأنا إذا قلنا انها مخلوقة لله أو للعبد لم يرد بالفعل المعنى المصدري الذي هو الايجاد بل الحاصل بالمصدر الذي هو متعلق الايجاد وهو ما يشاهده من الحركات والسكنات قال وللذهول عن هذه النكتة توهم من توهم أن الاستدلال بالآية موقوف على كون ما مصدرية وليس الأمر كذلك تكملة جوز من صنف في اعراب القرآن في اعراب ما تعملون زيادة على ما تقدم قالوا واللفظ للمنتخب في ما أوجه أحدها ان تكون مصدرية منصوبة المحل عطف على الكاف والميم في خلقكم الثاني أن تكون موصولة في موضع نصب أيضا عطفا على المذكور آنفا والتقدير خلقكم والذي تعملون أي تعملون منه الأصنام يعني الخشب والحجارة وغيرها الثالث أن تكون استفهامية منصوبة المحل بقوله تعملون توبيخا لهم وتحقيرا لعملهم الرابع أن تكون نكرة موصوفة وحكمها حكم الموصولة الخامس أن تكون نافية على معنى وما تعملون ذلك لكن الله هو خلقه ثم قال البيهقي وقد قال الله تعالى خلق كل شيء وهو بكل شيء عليم فامتدح بأنه خلق كل شيء وبأنه يعلم كل شيء فكما لا يخرج عن علمه شيء وكذا لا يخرج عن خلقه شيء وقال تعالى وأسروا قولكم أو اجهروا به انه عليم بذات الصدور الا يعلم من خلق فأخبر ان قولهم سرا وجهرا خلقه