في الإحسان إليهم والمداراة معهم والاغضاء عنهم وبالله التوفيق وقد تقدم الكلام على معنى العرف المأمور به في الآية مستوفى في التفسير الحديث الثاني عشر .
6857 - قوله حين خسفت الشمس في رواية المستملى كسفت وقوله فاجبناه في رواية الكشميهني فأجبنا وآمنا أي فأجبنا محمدا وآمنا بما جاء به وقد تقدم شرح حديث أسماء بنت أبي بكر هذا مستوفى في صلاة الكسوف الحديث الثالث عشر .
6858 - قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس كما جزم به الحافظ أبو إسماعيل الهروي وذكر في كتابه ذم الكلام انه تفرد به عن مالك وتابعه على روايته عن مالك عبد الله بن وهب كذا قال وقد ذكر الدارقطني معهما إسحاق بن محمد الفروي وعبد العزيز الأويسي وهما من شيوخ البخاري وأخرجه في غرائب مالك التي ليست في الموطأ من طرق هؤلاء الأربعة ومن طريق أبي قرة موسى بن طارق ومن طريق الوليد بن مسلم ومن طريق محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة ثلاثتهم عن مالك أيضا فكملوا سبعة ولم يخرج البخاري هذا الحديث الا في هذا الموضع من رواية مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وأخرجه مسلم من رواية المغيرة بن عبد الرحمن وسفيان وأبو عوانة من رواية ورقاء ثلاثتهم عن أبي الزناد ومسلم من رواية الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومن رواية همام بن منبه ومن رواية أبي صالح ومن رواية محمد بن زياد وأخرجه الترمذي من رواية أبي صالح كلهم عن أبي هريرة وسأذكر ما في روايتهم من فائدة زائدة قوله دعوني في رواية مسلم ذروني وهي بمعنى دعوني وذكر مسلم سبب هذا الحديث من رواية محمد بن زياد فقال عن أبي هريرة خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال يا أيها الناس قد فرض الله عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتكم الحديث وأخرجه الدارقطني مختصرا وزاد فيه فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم وله شاهد عن بن عباس عند الطبري في التفسير وفيه لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم فاتركوني ما تركتكم الحديث وفيه فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم الآية وسيأتي بسط القول فيما يتعلق بالسؤال في الباب الذي يليه ان شاء الله تعالى قوله ما تركتكم أي مدة تركي إياكم بغير أمر بشيء ولا نهي عن شيء وانما غاير بين اللفظين لأنهم أماتوا الفعل الماضي واسم الفاعل منهما واسم مفعولهما وأثبتوا الفعل المضارع وهو يذر وفعل الأمر وهو ذر ومثله دع ويدع ولكن سمع ودع كما قرئ به في الشاذ في قوله تعالى ما ودعك ربك وما قلى قرأ بذلك إبراهيم بن أبي عبلة وطائفة وقال الشاعر .
( ونحن ودعنا آل عمرو بن عامر ... فرائس أطراف المثقفة السمر ) ويحتمل ان يكون ذكر ذلك على سبيل التفنن في العبارة وإلا لقال اتركوني والمراد بهذا الأمر ترك السؤال عن شيء لم يقع خشية أن ينزل به وجوبه أو تحريمه وعن كثرة السؤال لما فيه غالبا من التعنت وخشية أن تقع الإجابة بأمر يستثقل فقد يؤدي لترك الامتثال فتقع المخالفة قال بن فرج معنى قوله ذروني ما تركتكم لا تكثروا من الاستفصال عن المواضع التي تكون مفيدة لوجه ما ظهر ولو كانت صالحة لغيره كما أن قوله حجوا وان كان صالحا للتكرار فينبغي ان يكتفى بما يصدق عليه اللفظ وهو المرة فان الأصل عدم الزيادة ولا تكثروا التنقيب عن ذلك لأنه قد يفضي إلى مثل ما وقع لبني إسرائيل إذ أمروا ان يذبحوا البقرة فلو ذبحوا أي بقرة كانت لامتثلوا