الشعبي عن الأشعث فقال النبي صلى الله عليه وسلّم ان هو حلف كاذبا أدخله الله النار فذهب الأشعث فأخبره القصة فقال اصلح بيني وبينه قال فاصلح بينهما وفي حديث عدي بن عميرة فقال له امرؤ القيس ما لمن تركها يا رسول الله قال الجنة قال اشهد اني قد تركتها له كلها وهذا يؤيد ما أشرت إليه من تعدد القصة وفي الحديث سماع الحاكم الدعوى فيما لم يره إذا وصف وحدد وعرفه المتداعيان لكن لم يقع في الحديث تصريح بوصف ولا تحديد فاستدل به القرطبي على ان الوصف والتحديد ليس بلازم لذاته بل يكفي في صحة الدعوى تمييز المدعي به تمييزا ينضبط به قلت ولا يلزم من ترك ذكر التحديد والوصف في الحديث ان لا يكون ذلك وقع ولا يستدل بسكوت الراوي عنه بأنه لم يقع بل يطالب من جعل ذلك شرطا بدليله فإذا ثبت حمل على انه ذكر في الحديث ولم ينقله الراوي وفيه ان الحاكم يسأل المدعي هل له بينة وقد ترجم بذلك في الشهادات وان البينة على المدعي في الأموال كلها واستدل به لمالك في قوله ان من رضي بيمين غريمه ثم أراد إقامة البينة بعد حلفه انها لا تسمع الا ان اتى بعذر يتوجه له في ترك اقامتها قبل استحلافه قال بن دقيق العيد ووجهه ان أو تقتضي أحد الشيئين فلو جاز إقامة البينة بعد الاستحلاف لكان له الامران معا والحديث يقتضي انه ليس له الا أحدهما قال وقد يجاب بأن المقصود من هذا الكلام نفي طريق أخرى لاثبات الحق فيعود المعنى إلى حصر الحجة في البينة واليمين ثم أشار إلى ان النظر إلى اعتبار مقاصد الكلام وفهمه يضعف هذا الجواب قال وقد يستدل الحنفية به في ترك العمل بالشاهد واليمين في الأموال قلت والجواب عنه بعد ثبوت دليل العمل بالشاهد واليمين انها زيادة صحيحة يجب المصير إليها لثبوت ذلك بالمنطوق وانما يستفاد نفيه من حديث الباب بالمفهوم واستدل به على توجيه اليمين في الدعاوى كلها على من ليست له بينة وفيه بناء الاحكام على الظاهر وان كان المحكوم له في نفس الأمر مبطلا وفيه دليل للجمهور ان حكم الحاكم لا يبيح للإنسان ما لم يكن حلالا له خلافا لأبي حنيفة كذا اطلقه النووي وتعقب بأن بن عبد البر نقل الإجماع على ان الحكم لا يحل حراما في الباطن في الأموال قال واختلفوا في حل عصمة نكاح من عقد عليها بظاهر الحكم وهي في الباطن بخلافه فقال الجمهور الفروج كالاموال وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وبعض المالكية ان ذلك انما هو في الأموال دون الفروج وحجتهم في ذلك اللعان انتهى وقد طرد ذلك بعض الحنفية في بعض المسائل في الأموال والله اعلم وفيه التشديد على من حلف باطلا ليأخذ حق مسلم وهو عند الجميع محمول على من مات على غير توبة صحيحة وعند أهل السنة محمول على من شاء الله ان يعذبه كما تقدم تقريره مرارا وآخرها في الكلام على حديث أبي ذر في كتاب الرقاق وقوله ولا ينظر الله إليه قال في الكشاف هو كناية عن عدم الاحسان إليه عند من يجوز عليه النظر مجاز عند من لا يجوزه والمراد بترك التزكية ترك الثناء عليه وبالغضب إيصال الشر إليه وقال المازري ذكر بعض أصحابنا ان فيه دلالة على ان صاحب اليد أولى بالمدعى فيه وفيه التنبيه على صورة الحكم في هذه الأشياء لأنه بدأ بالطالب فقال ليس لك الا يمين الاخر ولم يحكم بها للمدعي عليه إذا حلف بل انما جعل اليمين تصرف دعوى المدعى لا غير ولذلك ينبغي للحاكم إذا حلف المدعي عليه ان لا يحكم له بملك المدعى فيه ولا بحيازته بل يقره على حكم يمينه واستدل به على انه لا يشترط في المتداعيين ان يكون بينهما اختلاط أو يكونا ممن يتهم بذلك ويليق به لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أمر المدعى عليه هنا بالحلف بعد ان سمع الدعوى ولم يسأل عن حالهما وتعقب بأنه ليس فيه التصريح بخلاف ما ذهب إليه من قال به من المالكية