وذكا الرجل ذكاء من حدة فكره وذكت النار ذكا بالقصر توقدت قوله فاصرف وجهي عن النار قد استشكل كون وجهه إلى جهة النار والحال انه ممن يمر على الصراط طالبا إلى الجنة فوجهه إلى الجنة لكن وقع في حديث أبي امامة المشار إليه قبل انه يتقلب على الصراط ظهرا لبطن فكأنه في تلك الحالة انتهى إلى آخره فصادف ان وجهه كان من قبل النار ولم يقدر على صرفه عنها باختياره فسأل ربه في ذلك قوله فيصرف وجهه عن النار بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية شعيب فيصرف الله ووقع في رواية أنس عن بن مسعود عند مسلم وفي حديث أبي سعيد عند احمد والبزار نحوه أنه يرفع له شجرة فيقول رب ادنني من هذه الشجرة فلأستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول الله لعلي ان اعطيتك تسألني غيرها فيقول لا يا رب ويعاهده أن لا يسأل غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه وفيه أنه يدنو منها وأنه يرفع له شجرة أخرى أحسن من الأولى عند باب الجنة ويقول في الثالثة ائذن لي في دخول الجنة وكذا وقع في حديث أنس الآتي في التوحيد من طريق حميد عنه رفعه آخر من يخرج من النار ترفع له شجرة ونحوه لمسلم من طريق النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد بلفظ ان أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة ومثلت له شجرة ويجمع بأنه سقط من حديث أبي هريرة هنا ذكر الشجرات كما سقط من حديث بن مسعود ما ثبت في حديث الباب من طلب القرب من باب الجنة قوله ثم يقول بعد ذلك يا رب قربني إلى باب الجنة في رواية شعيب قال يا رب قدمني قوله فيقول أليس قد زعمت في رواية شعيب فيقول الله أليس قد أعطيت العهد والميثاق قوله لعلي ان اعطيتك ذلك في رواية التوحيد فهل عسيت ان فعلت بك ذلك ان تسألني غيره اما عسيت ففي سينها الوجهان الفتح والكسر وجملة ان تسألني هي خبر عسى والمعنى هل يتوقع منك سؤال شيء غير ذلك وهو استفهام تقرير لأن ذلك عادة بني آدم والترجي راجع إلى المخاطب لا إلى الرب وهو من باب ارخاء العنان إلى الخصم ليبعثه ذلك على التفكر في أمره والانصاف من نفسه قوله فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيعطي الله ما شاء من عهد وميثاق يحتمل ان يكون فاعل شاء الرجل المذكور أو الله قال بن أبي جمرة انما بادر للحلف من غير استخلاف لما وقع له من قوة الفرح بقضاء حاجته فوطن نفسه على أن لا يطلب مزيدا وأكده بالحلف قوله فإذا رأى ما فيها سكت في رواية شعيب فإذا بلغ بابها ورأى زهرتها وما فيها من النضرة وفي رواية إبراهيم بن سعد من الحبرة بفتح المهملة وسكون الموحدة ولمسلم الخير بمعجمة وتحتانية بلا هاء والمراد انه يرى ما فيها من خارجها اما لان جدارها شفاف فيرى باطنها من ظاهرها كما جاء في وصف الغرف وأما ان المراد بالرؤية العلم الذي يحصل له من سطوع رائحتها الطيبة وأنوارها المضيئة كما كان يحصل له أذى لفح النار وهو خارجها قوله ثم قال في رواية إبراهيم بن سعد ثم يقول قوله ويلك في رواية شعيب ويحك قوله يا رب لا تجعلني أشقى خلقك المراد بالخلق هنا من دخل الجنة فهو لفظ عام أريد به خاص ومراده انه يصير إذا استمر خارجا عن الجنة اشقاهم وكونه اشقاهم ظاهر لو استمر خارج الجنة وهم من داخلها قال الطيبي معناه يا رب قد أعطيت العهد والميثاق ولكن تفكرت في كرمك ورحمتك فسألت ووقع في الرواية التي في كتاب الصلاة لا أكون اشقى خلقك وللقابسي لأكونن قال بن التين المعنى لئن ابقيتني على هذه الحالة ولم تدخلني الجنة لأكونن والالف في الرواية الأولى زائدة وقال الكرماني معناه لا اكون كافرا قلت هذا أقرب