الجنة فإذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار بقي بين ذلك فيقول يا رب قربني من باب الجنة انظر إليها وأجد من ريحها فيقربه فيرى شجرة الحديث وهو عند بن أبي شيبة أيضا وهذا يقوى التعدد لكن الإسناد ضعيف وقد ذكرت عن عياض في شرح الحديث السابع عشر أن اخر من يخرج من النار هل هو آخر من يبقى على الصراط أو هو غيره وان اشترك كل منهما في أنه اخر من يدخل الجنة ووقع في نوادر الأصول للترمذي الحكيم من حديث أبي هريرة ان أطول أهل النار فيها مكثا من يمكث سبعة آلاف سنة وسند هذا الحديث واه والله اعلم وأشار بن أبي جمرة إلى المغايرة بين اخر من يخرج من النار وهو المذكور في الباب الماضي وأنه يخرج منها بعد أن يدخلها حقيقة وبين اخر من يخرج ممن يبقى مارا على الصراط فيكون التعبير بأنه خرج من النار بطريق المجاز لأنه اصابه من حرها وكربها ما يشارك به بعض من دخلها وقد وقع في غرائب مالك للدارقطني من طريق عبد الملك بن الحكم وهو واه عن مالك عن نافع عن بن عمر رفعه ان اخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له جهينة فيقول أهل الجنة عند جهينة الخبر اليقين وحكى السهيلي انه جاء ان اسمه هناد وجوز غيره ان يكون أحد الاسمين لاحد المذكورين والاخر للآخر قوله فيقول يارب في رواية إبراهيم بن سعد في التوحيد أي رب قوله قد قشبني ريحها بقاف وشين معجمة مفتوحتين مخففا وحكى التشديد ثم موحدة قال الخطابي قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ يكظمه وأصل القشب خلط السم بالطعام يقال قشبه إذا سمه ثم استعمل فيما إذا بلغ الدخان والرائحة الطيبة منه غايته وقال النووي معنى قشبني سمني وآذاني وأهلكني هكذا قاله جماهير أهل اللغة وقال الداودي معناه غير جلدي وصورتي قلت ولا يخفى حسن قول الخطابي واما الداودي فكثيرا ما يفسر الألفاظ الغريبة بلوازمها ولا يحافظ على أصول معانيها وقال بن أبي جمرة إذا فسرنا القشب بالنتن والمستقذر كانت فيه إشارة إلى طيب ريح الجنة وهو من أعظم نعيمها وعكسها النار في جميع ذلك وقال بن القطاع قشب الشيء خلطه بما يفسده من سم أو غيره وقشب الإنسان لطخه بسوء كاغتابه وعابه وأصله السم فاستعمل بمعنى اصابه المكروه إذا اهلكه أو افسده أو غيره أو ازال عقله أو تقذره هو والله اعلم قوله وأحرقني ذكاؤها كذا للاصيلي وكريمة هنا بالمد وكذا في رواية إبراهيم بن سعد وفي رواية أبي ذر وغيره ذكاها بالقصر وهو الأشهر في اللغة وقال بن القطاع يقال ذكت النار تذكو ذكا بالقصر وذكوا بالضم وتشديد الواو أي كثر لهبها واشتد اشتعالها ووهجها واما ذكا الغلام ذكاء بالمد فمعناه اسرعت فطنته قال النووي المد والقصر لغتان ذكره جماعة فيها وتعقبه مغلطاي بأنه لم يوجد عن أحد من المصنفين في اللغة ولا في الشارحين لدواوين العرب حكاية المد الا عن أبي حنيفة الدينوري في كتاب النبات في مواضع منها ضرب العرب المثل بجمر الغضا لذكائه قال وتعقبه علي بن حمزة الأصبهاني فقال ذكا النار مقصور ويكتب بالألف لأنه واوى يقال ذكت النار تذكو ذكوا وذكاء النار وذكو النار بمعنى وهو التهابها والمصدر ذكاء وذكو وذكو بالتخفيف والتثقيل فاما الذكاء بالمد فلم يأت عنهم في النار وإنما جاء في الفهم وقال بن قرقول في المطالع وعليه يعتمد الشيخ وقع في مسلم فقد احرقني ذكاؤها بالمد والمعروف في شدة حر النار القصر الا ان الدينوري ذكر فيه المد وخطأه علي بن حمزة فقال ذكت النار ذكا وذكوا ومنه طيب ذكي منتشر الريح واما الذكاء بالمد فمعناه تمام الشيء ومنه ذكاء القلب وقال صاحب الأفعال ذكا الغلام والعقل أسرع في الفطنة