وقال بن بطال يؤخذ منه انه ينبغي ان يكون المؤمن عظيم الخوف من الله تعالى من كل ذنب صغيرا كان أو كبيرا لان الله تعالى قد يعذب على القليل فإنه لا يسأل عما يفعل سبحانه وتعالى قوله ثم قال لله افرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا في رواية أبي الربيع المذكورة بتوبة عبده المؤمن وعند مسلم من رواية جرير ومن رواية أبي أسامة لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن وكذا عنده من حديث أبي هريرة وإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه قال الخطابي معنى الحديث ان الله ارضى بالتوبة واقبل لها والفرح الذي يتعارفه الناس بينهم غير جائز على الله وهو كقوله تعالى كل حزب بما لديهم فرحون أي راضون وقال بن فورك الفرح في اللغة السرور ويطلق على البطر ومنه ان الله لا يحب الفرحين وعلى الرضا فان كل من يسر بشيء ويرضى به يقال في حقه فرح به قال بن العربي كل صفة تقتضي التغير لا يجوز ان يوصف الله بحقيقتها فان ورد شيء من ذلك حمل على معنى يليق به وقد يعبر عن الشيء بسببه أو ثمرته الحاصلة عنه فان من فرح بشيء جاد لفاعله بما سأل وبذل له ما طلب فعبر عن عطاء الباري وواسع كرمه بالفرح وقال بن أبي جمرة كنى عن إحسان الله للتائب وتجاوزه عنه بالفرح لان عادة الملك إذا فرح بفعل أحد ان يبالغ في الإحسان إليه وقال القرطبي في المفهم هذا مثل قصد به بيان سرعة قبول الله توبة عبده التائب وانه يقبل عليه بمغفرته ويعامله معاملة من يفرح بعمله ووجه هذا المثل ان العاصي حصل بسبب معصيته في قبضة الشيطان وأسره وقد اشرف على الهلاك فإذا لطف الله به ووفقه للتوبة خرج من شؤم تلك المعصية وتخلص من اسر الشيطان ومن المهلكة التي اشرف عليها فأقبل الله عليه بمغفرته وبرحمته وإلا فالفرح الذي هو من صفات المخلوقين محال على الله تعالى لأنه اهتزاز وطرب يجده الشخص من نفسه عند ظفره بغرض يستكمل به نقصانه ويسد به خلته أو يدفع به عن نفسه ضررا أو نقصا وكل ذلك محال على الله تعالى فإنه الكامل بذاته الغني بوجوده الذي لا يلحقه نقص ولا قصور لكن هذا الفرح له عندنا ثمرة وفائدة وهو الإقبال على الشيء المفروح به واحلاله المحل الأعلى وهذا هو الذي يصح في حقه تعالى فعبر عن ثمرة الفرح بالفرح على طريقة العرب في تسمية الشيء باسم ما جاوره أو كان منه بسبب وهذا القانون جار في جميع ما اطلقه الله تعالى على صفة من الصفات التي لا تليق به وكذا ما ثبت بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قوله وبه مهلكة كذا في الروايات التي وقفت عليها من صحيح البخاري بواو مفتوحة ثم موحدة خفيفة مكسورة ثم هاء ضمير ووقع عند الإسماعيلي في رواية أبي الربيع عن أبي شهاب بسند البخاري فيه بدوية بموحدة مكسورة ودال مفتوحة ثم واو ثقيلة مكسورة ثم تحتانية مفتوحة ثم هاء تأنيث وكذا في جميع الروايات خارج البخاري عند مسلم وأصحاب السنن والمسانيد وغيرهم وفي رواية لمسلم في ارض دوية مهلكة وحكى الكرماني انه وقع في نسخة من البخاري وبيئة وزن فعيلة من الوباء ولم اقف انا على ذلك في كلام غيره ويلزم عليه ان يكون وصف المذكر وهو المنزل بصفة المؤنث في قوله وبيئة مهلكة وهو جائز على إرادة البقعة والدوية هي القفر والمفازة وهي الداوية باشباع الدال ووقع كذلك في رواية لمسلم وجمعها داوي قال الشاعر اروع خراج من الداوي قوله مهلكة بفتح الميم واللام بينهما هاء ساكنة يهلك من حصل بها وفي بعض النسخ بضم الميم وكسر اللام من الرباعي أي تهلك هي من يحصل بها قوله عليها طعامه وشرابه زاد أبو معاوية عن الأعمش وما يصلحه أخرجه الترمذي وغيره قوله وقد ذهبت