حق قوله وبلقائه كذا وقعت هنا بين الكتب والرسل وكذا لمسلم من الطريقين ولم تقع في بقية الروايات وقد قيل إنها مكررة لأنها داخلة في الإيمان بالبعث والحق أنها غير مكررة فقيل المراد بالبعث القيام من القبور والمراد باللقاء ما بعد ذلك وقيل اللقاء يحصل بالانتقال من دار الدنيا والبعث بعد ذلك ويدل على هذا رواية مطر الوراق فإن فيها وبالموت وبالبعث بعد الموت وكذا في حديث أنس وبن عباس وقيل المراد باللقاء رؤية الله ذكره الخطابي وتعقبه النووي بأن أحدا لا يقطع لنفسه برؤية الله فإنها مختصة بمن مات مؤمنا والمرء لا يدري بم يختم له فكيف يكون ذلك من شروط الإيمان وأجيب بأن المراد الإيمان بأن ذلك حق في نفس الأمر وهذا من الأدلة القوية لأهل السنة في اثبات رؤية الله تعالى في الآخرة إذ جعلت من قواعد الإيمان قوله ورسله وللأصيلي وبرسله ووقع في حديث أنس وبن عباس والملائكة والكتاب والنبيين وكل من السياقين في القرآن في البقرة والتعبير بالنبيين يشمل الرسل من غير عكس والإيمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله ودل الإجمال في الملائكة والكتب والرسل على الاكتفاء بذلك في الإيمان بهم من غير تفصيل الا من ثبت تسميته فيجب الإيمان به على التعيين وهذا الترتيب مطابق للآية آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه ومناسبة الترتيب المذكور وإن كانت الواو لا ترتب بل المراد من التقديم أن الخير والرحمة من الله ومن أعظم رحمته أن أنزل كتبه إلى عباده والمتلقى لذلك منهم الأنبياء والواسطة بين الله وبينهم الملائكة قوله وتؤمن بالبعث زاد في التفسير الآخر ولمسلم في حديث عمر واليوم الآخر فأما البعث الآخر فقيل ذكر الآخر تأكيدا كقولهم أمس الذاهب وقيل لأن البعث وقع مرتين الأولى الإخراج من العدم إلى الوجود أو من بطون الأمهات بعد النطفة والعلقة إلى الحياة الدنيا والثانية البعث من بطون القبور إلى محل الاستقرار وأما اليوم الآخر فقيل له ذلك لأنه آخر أيام الدنيا أو آخر الأزمنة المحدودة والمراد بالإيمان به والتصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار وقد وقع التصريح بذكر الأربعة بعد ذكر البعث في رواية سليمان التيمي وفي حديث بن عباس أيضا فائدة زاد الإسماعيلي في مستخرجه هنا وتؤمن بالقدر وهي في رواية أبي فروة أيضا وكذا لمسلم من رواية عمارة بن القعقاع وأكده بقوله كله وفي رواية كهمس وسليمان التيمي وتؤمن بالقدر خيره وشره وكذا في حديث بن عباس وهو في رواية عطاء عن بن عمر بزيادة وحلوه ومره من الله وكأن الحكمة في إعادة لفظ وتؤمن عند ذكر البعث الإشارة إلى أنه نوع آخر مما يؤمن به لأن البعث سيوجد بعد وما ذكر قبله موجود الآن وللتنويه بذكره لكثرة من كان ينكره من الكفار ولهذا كثر تكراره في القرآن وهكذا الحكمة في إعادة لفظ وتؤمن عند ذكر القدر كأنها أشارة إلى ما يقع فيه من الاختلاف فحصل الاهتمام بشأنه بإعادة تؤمن ثم قرره بالابدال بقوله خيره وشره وحلوه ومره ثم زاده تأكيدا بقوله في الرواية الأخيرة من الله والقدر مصدر تقول قدرت الشيء بتخفيف الدال وفتحها أقدره بالكسر والفتح قدرا وقدرا إذا احطت بمقداره والمراد أن الله تعالى علم مقادير الأشياء وازمانها قبل ايجادها ثم أوجد ما سبق في علمه أنه يوجد فكل محدث صادر عن علمه وقدرته وارادته هذا هو المعلوم من الدين بالبراهين القطعية وعليه كان السلف من الصحابة وخيار التابعين إلى أن حدثت بدعة القدر في أواخر زمن الصحابة وقد روى مسلم القصة في ذلك من طريق كهمس عن بن بريدة عن يحيى بن يعمر قال كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني قال فانطلقت