عثمان بن غياث فإن فيها فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقالوا ما نعرف هذا وأفاد مسلم في رواية عمارة بن القعقاع سبب ورود هذا الحديث فعنده في أوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم سلوني فهابوا أن يسألوه قال فجاء رجل ووقع في رواية بن منده من طريق يزيد بن زريع عن كهمس بينا رسول الله صلى الله عليه وسلّم يخطب إذ جاءه رجل فكأن أمره لهم بسؤاله وقع في خطبته وظاهره أن مجيء الرجل كان في حال الخطبة فإما أن يكون وافق انقضاءها أو كان ذكر ذلك القدر جالسا وعبر عنه الراوي بالخطبة قوله فقال زاد المصنف في التفسير يا رسول الله ما الإيمان فان قيل فكيف بدأ بالسؤال قبل السلام أجيب بأنه يحتمل أن يكون ذلك مبالغة في التعمية لأمره أو ليبين أن ذلك غير واجب أو سلم فلم ينقله الراوي قلت وهذا الثالث هو المعتمد فقد ثبت في رواية أبي فروة ففيها بعد قوله كأن ثيابه لم يمسها دنس حتى سلم من طرف البساط فقال السلام عليك يا محمد فرد عليه السلام قال أدنو يا محمد قال ادن فما زال يقول أدنو مرارا ويقول له ادن ونحوه في رواية عطاء عن بن عمر لكن قال السلام عليك يا رسول الله وفي رواية مطر الوراق فقال يا رسول الله أدنو منك قال ادن ولم يذكر السلام فاختلفت الروايات هل قال له يا محمد أو يا رسول الله هل سلم أولا فأما السلام فمن ذكره مقدم على من سكت عنه وقال القرطبي بناء على أنه لم يسلم وقال يا محمد إنه أراد بذلك التعمية فصنع صنيع الأعراب قلت ويجمع بين الروايتين بأنه بدأ أولا بندائه باسمه لهذا المعنى ثم خاطبه بقوله يا رسول الله ووقع عند القرطبي أنه قال السلام عليكم يا محمد فاستنبط منه أنه يستحب للداخل أن يعمم بالسلام ثم يخصص من يريد تخصيصه انتهى والذي وقفت عليه من الروايات إنما فيه الأفراد وهو قوله السلام عليك يا محمد قوله ما الإيمان قيل قدم السؤال عن الإيمان لأنه الأصل وثنى بالإسلام لأنه يظهر مصداق الدعوى وثلث بالإحسان لأنه متعلق بهما وفي رواية عمارة بن القعقاع بدأ بالإسلام لأنه بالأمر الظاهر وثنى بالإيمان لأنه بالأمر الباطن ورجح هذا الطيبي لما فيه من الترقى ولا شك أن القصة واحدة اختلف الرواة في تأديتها وليس في السياق ترتيب ويدل عليه رواية مطر الوراق فإنه بدأ بالإسلام وثنى بالإحسان وثلث بالإيمان فالحق أن الواقع أمر واحد والتقديم والتأخير وقع من الرواة والله أعلم قوله قال الإيمان أن تؤمن بالله الخ دل الجواب أنه علم أنه سأله عن متعلقاته لا عن معنى لفظه وإلا لكان الجواب الإيمان التصديق وقال الطيبي هذا يوهم التكرار وليس كذلك فإن قوله أن تؤمن بالله مضمن معنى أن تعترف به ولهذا عداه بالباء أي أن تصدق معترفا بكذا قلت والتصديق أيضا يعدى بالباء فلا يحتاج إلى دعوى التضمين وقال الكرماني ليس هو تعريفا للشيء بنفسه بل المراد من المحدود الإيمان الشرعي ومن الحد الإيمان اللغوي قلت والذي يظهر أنه إنما أعاد لفظ الإيمان للاعتناء بشأنه تفخيما لأمره ومنه قوله تعالى قل يحييها الذي أنشأها أول مرة في جواب من يحيى العظام وهي رميم يعني أن قوله أن تؤمن ينحل منه الإيمان فكأنه قال الإيمان الشرعي تصديق مخصوص وإلا لكان الجواب الإيمان التصديق والإيمان بالله هو التصديق بوجوده وأنه متصف بصفات الكمال منزه عن صفات النقص قوله وملائكته الإيمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وأنهم كما وصفهم الله تعالى عباد مكرمون وقدم الملائكة على الكتب والرسل نظرا للترتيب الواقع لأنه سبحانه وتعالى أرسل الملك بالكتاب إلى الرسول وليس فيه متمسك لمن فضل الملك على الرسول قوله وكتبه هذه عند الأصيلي هنا واتفق الرواة على ذكرها في التفسير والإيمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله وأن ما تضمنته