بن جعفر لو شئتم أن تقولوا جئتنا كذا وكذا وكان من الأمر كذا وكذا لاشياء زعم عمرو بن أبي يحيى المازني راوي الحديث أنه لا يحفظها وفي هذا رد على من قال إن الراوي كنى عن ذلك عمدا على طريق التأدب وقد جوز بعضهم أن يكون المراد جئتنا ونحن على ضلالة فهدينا بك وما أشبه ذلك وفيه بعد فقد فسر ذلك في حديث أبي سعيد ولفظه فقال أما والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فواسيناك ونحوه في مغازى أبي الأسود عن عروة مرسلا وبن عائذ من حديث بن عباس موصولا وفي مغازي سليمان التيمي أنهم قالوا في جواب ذلك رضينا عن الله ورسوله وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه بغير إسناد وأخرجه أحمد عن بن أبي عدي عن حميد عن أنس بلفظ أفلا تقولون جئتنا خائفا فآمناك وطريدا فآويناك ومخذولا فنصرناك فقالوا بل المن علينا لله ولرسوله وإسناده صحيح وروى أحمد من وجه آخر عن أبي سعيد قال قال رجل من الأنصار لأصحابه لقد كنت أحدثكم أن لو استقامت الأمور لقد آثر عليكم قال فردوا عليه ردا عنيفا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلّم الحديث وإنما قال صلى الله عليه وسلّم ذلك تواضعا منه وانصافا وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة الظاهرة في جميع ذلك له عليهم فإنه لولا هجرته إليهم وسكناه عندهم لما كان بينهم وبين غيرهم فرق وقدنبه على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلّم ألا ترضون الخ فنبههم على ما غفلوا عنه من عظيم ما اختصوا به منه بالنسبة إلى ما حصل عليه غيرهم من عرض الدنيا الفانية قوله بالشاة والبعير اسم جنس فيهما والشاة تقع على الذكر والانثى وكذا البعير وفي رواية الزهري أن يذهب الناس بالأموال وفي رواية أبي التياح بعدها وكذا قتادة بالدنيا قوله إلى رحالكم بالحاء المهملة أي بيوتكم وهي رواية قتادة زاد في رواية الزهري عن أنس فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به وزاد فيه أيضا قالوا يا رسول الله قد رضينا وفي رواية قتادة قالوا بلى وذكر الواقدي أنه حينئذ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين تكون لهم خاصة بعده دون الناس وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الأرض فأبوا وقالوا لا حاجة لنا بالدنيا قوله لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار قال الخطابي أراد بهذا الكلام تألف الأنصار واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها ونسبه الإنسان تقع على وجوه منها الولادة والبلادية والاعتقادية والصناعية ولا شك أنه لم يرد الانتقال عن نسب آبائه لأنه ممتنع قطعا وأما الاعتقادى فلا معنى للانتقال فيه فلم يبق الا القسمان الاخيران وكانت المدينة دار الأنصار والهجرة إليها امرآ واجبا أي لولا أن النسبة الهجرية لا يسعني تركها لانتسبت إلى داركم قال ويحتمل أنه لما كانوا أخواله لكون أم عبد المطلب منهم أراد أن ينتسب إليهم بهذه الولادة لولا مانع الهجرة وقال بن الجوزي لم يرد صلى الله عليه وسلّم تغير نسبه ولا محو هجرته وإنما أراد أنه لولا ما سبق من كونه هاجر لانتسب إلى المدينة وإلى نصرة الدين فالتقدير لولا أن النسبة إلى الهجرة نسبة دينية لا يسع تركها لانتسبت إلى داركم وقال القرطبي معناه لتسميت باسمكم وانتسبت إليكم كما كانوا ينتسبون بالحلف لكن خصوصية الهجرة وتربيتها سبقت فمنعت من ذلك وهي أعلى وأشرف فلا تتبدل بغيرها وقيل معناه لكنت من الأنصار في الأحكام والعداد وقيل التقدير لولا أن ثواب الهجرة أعظم لاخترت أن يكون ثوابي ثواب الأنصار ولم يرد ظاهر النسب أصلا وقيل لولا التزامي بشروط الهجرة ومنها ترك الإقامة بمكة فوق ثلاث لاخترت أن أكون من الأنصار فيباح لي ذلك قوله وادى الأنصار