والمعنى أنهم غضبوا والموجدة الغضب يقال وجد في نفسه إذا غضب ويقال أيضا وجد اذا حزن ووجد ضد فقد ووجد إذا استفاد مالا ويظهر الفرق بينهما بمصادرهما ففي الغضب موجدة وفي الحزن وجدا بالفتح وفي ضد الفقد وجدانا وفي المال وجدا بالضم وقد يقع الاشتراك في بعض هذه المصادر وموضع بسط ذلك غير هذا الموضع وفي مغازي سليمان التيمي أن سبب حزنهم أنهم خافوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلّم يريد الإقامة بمكة والأصح ما في الصحيح حيث قال إذ لم يصبهم ما أصاب الناس على أنه لا يمتنع الجمع وهذا أولى ووقع في رواية الزهري عن أنس في الباب فقالوا يغفر الله لرسوله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم وفي رواية هشام بن زيد عن أنس آخر الباب إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا وهذا ظاهر في أن العطاء كان من صلب الغنيمة بخلاف ما رجحه القرطبى قوله فخطبهم زاد مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن يحيى فحمد الله وأثنى عليه وسيأتي في الباب في رواية الزهري فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم فلم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام فقال ما حديث بلغني عنكم فقال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثه أسنانهم فقالوا وفي رواية هشام بن زيد فجمعهم في قبة من أدم فقال يا معشر الأنصار ما حديث بلغني فسكتوا ويحمل على أن بعضهم سكت وبعضهم أجاب وفي رواية أبي التياح عن أنس عند الإسماعيلي فجمعهم فقال ما الذي بلغني عنكم قالوا هو الذي بلغك وكانوا لا يكذبون ولأحمد من طريق ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّم أعطى أبا سفيان وعيينة والأقرع وسهيل بن عمرو في آخرين يوم حنين فقالت الأنصار سيوفنا تقطر من دمائهم وهم يذهبون بالمغنم فذكر الحديث وفيه ثم قال أقلتم كذا وكذا قالوا نعم وإسناده على شرط مسلم وكذا ذكر بن إسحاق عن أبي سعيد الخدري أن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلّم بمقالتهم سعد بن عبادة ولفظه لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء وجد هذاالحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة فدخل عليه سعد بن عبادة فذكر له ذلك فقال له فأين أنت من ذلك يا سعد قال ما أنا الا من قومى قال فاجمع لي قومك فخرج فجمعهم الحديث وأخرجه أحمد من هذا الوجه وهذا يعكر علىالرواية التي فيها أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا لأن سعد بن عبادة من رؤساء الأنصار بلا ريب إلا أن يحمل على الأغلب الأكثر وأن الذي خاطبه بذلك سعد بن عبادة ولم يرد إدخال نفسه في النفي أوأنه لم يقل لفظا وأن كان رضي بالقول المذكور فقال ما أنا الا من قومي وهذا أوجه والله أعلم قوله ألم اجدكم ضلالا بالضم والتشديد جمع ضال والمراد هنا ضلالة الشرك وبالهداية الإيمان وقد رتب صلى الله عليه وسلّم ما من الله عليهم على يده من النعم ترتيبا بالغا فبدأ بنعمة الإيمان التي لا يوازيها شيء من أمر الدنيا وثنى بنعمة الآلفة وهي أعظم من نعمة المال لأن الأموال تبذل في تحصيلها وقد لاتحصل وقد كانت الأنصار قبل الهجرة في غاية التنافر والتقاطع لما وقع بينهم من حرب بعاث وغيرها كما تقدم في أول الهجرة فزال ذلك كله بالإسلام كما قال الله تعالى لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم قوله عالة بالمهملة أي فقراء لا مال لهم والعيلة الفقر قوله كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله آمن بفتح الهمزة والميم والتشديد أفعل تفضيل من المن وفي حديث أبي سعيد فقالوا ماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل قوله قال لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا في رواية إسماعيل