تحزنوا في أنفسكم فإنكم أنتم الأعلون قال والسبب فيها أنهم لما تفرقوا ثم رجعوا إلى الشعب قالوا ما فعل فلان ما فعل فلان فنعى بعضهم بعضا وتحدثوا بينهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قتل فكانوا في هم وحزن فبينما هم كذلك إذ علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم فثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله وعلا المسلمون الجبل والتقوا بالنبي صلى الله عليه وسلّم ومن طريق العوفي عن بن عباس قال أقبل خالد بن الوليد يريد أن يعلوا الجبل عليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلّم اللهم لا يعلون علينا فأنزل الله تعالى ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون قوله وقوله تعالى ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم تستأصلونهم قتلا بإذنه الآية إلى قوله والله ذو فضل على المؤمنين أخرج الطبري من طريق السدي وغيره أن المراد بالوعد قوله صلى الله عليه وسلّم للرماة إنكم ستظهرون عليهم فلا تبرحوا من مكانكم حتى آمركم وقد ذكر المصنف قصة الرماة في هذا الباب وسأذكر شرحها إن شاء الله تعالى ومن طريق قتادة ومجاهد في قوله إذ تحسونهم أي تقتلونهم وقول المصنف في تفسير تحسونهم تستأصلونهم هو كلام أبي عبيدة وأخرج الطبري من طريق السدي قال قال النبي صلى الله عليه وسلّم للرماة إنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم وكان أول من برز طلحة بن عثمان فقتل ثم حمل المسلمون على المشركين فهزموهم وحمل خالد بن الوليد وكان في خيل المشركين على الرماة فرموه بالنبل فانقمع ثم ترك الرماة مكانهم ودخلوا العسكر في طلب الغنيمة فصاح خالد في خيله فقتل من بقي من الرماة منهم أميرهم عبد الله بن جبير ولما رأى المشركون خيلهم ظاهرة تراجعوا فشدوا على المسلمين فهزموهم وأثخنوا فيهم في القتل وقوله حتى إذا فشلتم أي جبنتم وتنازعتم في الأمر أي اختلفتم وحتى حرف جر وهي متعلقة بمحذوف أي دام لكم ذلك إلى وقت فشلكم ويجوز أن تكون ابتدائية داخلة على الجملة الشرطية وجوابها محذوف وقوله تم صرفكم عنهم فيه إشارة إلى رجوع المسلمين عن المشركين بعد أن ظهروا عليهم لما وقع من الرماة من الرغبة في الغنيمة وإلى ذلك الإشارة بقوله منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة قال السدي عن عبد خير قال قال عبد الله بن مسعود ما كنت أرى أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلّم يريد الدنيا حتى نزلت هذه الآية يوم أحد منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة وقوله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا الآية أخرج مسلم من طريق مسروق قال سألنا عبد الله بن مسعود عن هؤلاء الآيات قال أما إنا قد سألنا عنها فقيل لنا إنه لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها الحديث