والسلام كان موسى اشدهم علي حين مررت به وخيرهم لي حين رجعت إليه وفي حديث أبي سعيد فأقبلت راجعا فمررت بموسى ونعم الصاحب كان لكم فسألني كم فرض عليك ربك الحديث قال بن أبي جمرة ان الله جعل الرحمة في قلوب الأنبياء أكثر مما جعل في قلوب غيرهم لذلك بكى رحمة لأمته واما قوله هذا الغلام فأشار إلى صغر سنه بالنسبة إليه قال الخطابي العرب تسمي الرجل المستجمع السن غلاما مادامت فيه بقية من القوة اه ويظهر لي ان موسى عليه السلام أشار إلى ما انعم الله به على نبينا عليهما الصلاة والسلام من استمرار القوة في الكهولية والى ان دخل في سن الشيخوخة ولم يدخل على بدنه هرم ولا اعترى قوته نقص حتى ان الناس في قدومه المدينة كما سيأتي من حديث أنس لما رأوه مردفا أبا بكر اطلقوا عليه اسم الشاب وعلى أبي بكر اسم الشيخ مع كونه في العمر اسن من أبي بكر والله اعلم وقال القرطبي الحكمة في تخصيص موسى بمراجعة النبي صلى الله عليه وسلّم في أمر الصلاة لعلها لكون امة موسى كلفت من الصلوات بما لم تكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم فأشفق موسى على امة محمد من مثل ذلك ويشير إلى ذلك قوله اني قد جربت الناس قبلك انتهى وقال غيره لعلها من جهة انه ليس في الأنبياء من له اتباع أكثر من موسى ولا من له كتاب أكبر ولا اجمع للاحكام من هذه الجهة مضاهيا للنبي صلى الله عليه وسلّم فناسب ان يتمنى ان يكون له مثل ما انعم به عليه من غير ان يريد زواله عنه وناسب ان يطلعه على ما وقع له وينصحه فيما يتعلق به ويحتمل ان يكون موسى لما غلب عليه في الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة لأمة محمد حتى تمنى ما تمنى ان يكون استدرك ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم ليزيل ما عساه ان يتوهم عليه فيما وقع منه في الابتداء وذكر السهيلي ان الحكمة في ذلك انه كان رأى في مناجاته صفة امة محمد صلى الله عليه وسلّم فدعا الله ان يجعله منهم فكان اشفاقه عليهم كعناية من هو منهم وتقدم في أول الصلاة شيء من هذا ومما يتعلق بأمر موسى بالترديد مرارا والعلم عند الله تعالى وقد وقع من موسى عليه السلام في هذه القصة من مراعاة جانب النبي صلى الله عليه وسلّم انه امسك عن جميع ما وقع له حتى فارقه النبي صلى الله عليه وسلّم أدبا معه وحسن عشرة فلما فارقه بكى وقال ما قال قوله فإذا إبراهيم في حديث أبي سعيد فإذا انا بإبراهيم خليل الرحمن مسندا ظهره إلى البيت المعمور كأحسن الرجال وفي حديث أبي هريرة عند الطبري فإذا هو برجل اشمط جالس عند باب الجنة على كرسي تكملة اختلف في حال الأنبياء عند لقي النبي صلى الله عليه وسلّم إياهم ليلة الإسراء هل أسري بأجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلّم تلك الليلة أو ان ارواحهم مستقرة في الأماكن التي لقيهم النبي صلى الله عليه وسلّم وارواحهم مشكلة بشكل اجسادهم كما جزم به أبو الوفاء بن عقيل واختار الأول بعض شيوخنا واحتج بما ثبت في مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال رأيت موسى ليلة أسري بي قائما يصلي في قبره فدل على انه أسري به لما مر به قلت وليس ذلك بلازم بل يجوز ان يكون لروحه اتصال بجسده في الأرض فلذلك يتمكن من الصلاة وروحه مستقرة في السماء قوله ثم رفعت إلى سدرة المنتهى كذا للأكثر بضم الراء وسكون العين وضم التاء من رفعت بضمير المتكلم وبعده حرف جر وللكشميهني رفعت بفتح العين وسكون التاء أي السدرة لي باللام أي من اجلي وكذا تقدم في بدء الخلق ويجمع بين الروايتين بأن المراد انه رفع إليها أي ارتقي به وظهرت له والرفع إلى الشيء يطلق على التقريب منه وقد قيل في قوله تعالى وفرش مرفوعة أي تقرب لهم ووقع بيان سبب تسميتها سدرة المنتهى في حديث بن مسعود عند مسلم ولفظه لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلّم قال انتهى بي إلى سدرة المنتهى وهي في السماء