روح خبيثة ونفس خبيثة اجعلوها في سجين وفي حديث أبي هريرة عند البزار فإذا عن يمينه باب يخرج منه ريح طيبة وعن شماله باب يخرج منه ريح خبيثة الحديث فظهر من الحديثين عدم اللزوم المذكور وهذا أولى مما جمع به القرطبي في المفهم ان ذلك في حالة مخصوصة قوله بالابن الصالح والنبي الصالح قيل اقتصر الأنبياء على وصفه بهذه الصفة وتواردوا عليها لأن الصلاح صفة تشمل خلال الخير ولذلك كررها كل منهم عند كل صفة والصالح هو الذي يقوم بما يلزمه من حقوق الله وحقوق العباد فمن ثم كانت كلمة جامعة لمعاني الخير وفي قول آدم بالابن الصالح إشارة إلى افتخاره بأبوة النبي صلى الله عليه وسلّم وسيأتي في التوحيد بيان الحكمة في خصوص منازل الأنبياء من السماء قوله ثم صعد بي حتى اتى السماء الثانية وفيه فإذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة قال النووي قال بن السكيت يقال ابنا خالة ولا يقال ابنا عمة ويقال ابنا عم ولا يقال ابنا خال اه ولم يبين سبب ذلك والسبب فيه ان ابني الخالة أم كل منهما خالة الآخر لزوما بخلاف ابني العمة وقد توافقت هذه الرواية مع رواية ثابت عن أنس عند مسلم ان في الأولى آدم وفي الثانية يحيى وعيسى وفي الثالثة يوسف وفي الرابعة إدريس وفي الخامسة هارون وفي السادسة موسى وفي السابعة إبراهيم وخالف ذلك الزهري في روايته عن أنس عن أبي ذر انه لم يثبت أسماءهم وقال فيه وإبراهيم في السماء السادسة ووقع في رواية شريك عن أنس ان إدريس في الثالثة وهارون في الرابعة واخر في الخامسة وسياقه يدل على انه لم يضبط منازلهم أيضا كما صرح به الزهري ورواية من ضبط أولى ولا سيما مع اتفاق قتادة وثابت وقد وافقهما يزيد بن أبي مالك عن أنس الا انه خالف في إدريس وهارون فقال هارون في الرابعة وإدريس في الخامسة ووافقهم أبو سعيد الا ان في رواية يوسف في الثانية وعيسى ويحيى في الثالثة والأول اثبت وقد استشكل رؤية الأنبياء في السماوات مع ان اجسادهم مستقرة في قبورهم بالأرض وأجيب بأن ارواحهم تشكلت بصور أجسادهم أو احضرت اجسادهم لملاقاة النبي صلى الله عليه وسلّم تلك الليلة تشريفا له وتكريما ويؤيده حديث عبد الرحمن بن هاشم عن أنس ففيه وبعث له آدم فمن دونه من الأنبياء فافهم وقد تقدمت الإشارة إليه في الباب الذي قبله قوله فلما خلصت إذا يوسف زاد مسلم في رواية ثابت عن أنس فإذا هو قد أعطي شطر الحسن وفي حديث أبي سعيد عند البيهقي وأبي هريرة عند بن عائذ والطبراني فإذا انا برجل أحسن ما خلق الله قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب وهذا ظاهره ان يوسف عليه السلام كان أحسن من جميع الناس لكن روى الترمذي من حديث أنس ما بعث الله نبيا الا حسن الوجه حسن الصوت وكان نبيكم احسنهم وجها واحسنهم صوتا فعلى هذا فيحمل حديث المعراج على ان المراد غير النبي صلى الله عليه وسلّم ويؤيده قول من قال ان المتكلم لايدخل في عموم خطابه واما حديث الباب فقد حمله بن المنير على ان المراد ان يوسف أعطي شطر الحسن الذي اوتيه نبينا صلى الله عليه وسلّم والله اعلم وقد اختلف في الحكمة في اختصاص كل منهم بالسماء التي التقاه بها فقيل ليظهر تفاضلهم في الدرجات وقيل لمناسبة تتعلق بالحكمة في الاقتصار على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء فقيل امروا بملاقاته فمنهم من أدركه في أول وهلة ومنهم من تأخر فلحق ومنهم من فاته وهذا زيفه السهيلي فأصاب وقيل الحكمة في الاقتصار على هؤلاء المذكورين للإشارة إلى ماسيقع له صلى الله عليه وسلّم مع قومه من نظير ما وقع لكل منهم فاما آدم فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة إلى الأرض بما سيقع للنبي صلى الله عليه وسلّم من الهجرة إلى المدينة والجامع بينهما ماحصل لكل منهما من المشقة وكراهة فراق ما ألفه من الوطن