واستحبه الكوفيون والشافعي ويجزئ البعض عندهم واختلفوا فيه فعن الحنفية الربع إلا أبا يوسف فقال النصف وقال الشافعي أقل ما يجب حلق ثلاث شعرات وفي وجه لبعض أصحابه شعرة واحدة والتقصير كالحلق فالأفضل أن يقصر من جميع شعر رأسه ويستحب أن لا ينقص عن قدر الأنملة وإن اقتصر على دونها أجزأ هذا للشافعية وهو مرتب عند غيرهم على الحلق وهذا كله في حق الرجال وأما النساء فالمشروع في حقهن التقصير بالإجماع وفيه حديث لابن عباس عند أبي داود ولفظه ليس على النساء حلق وإنما على النساء التقصير وللترمذي من حديث علي نهى أن تحلق المرأة رأسها وقال جمهور الشافعية لو حلقت أجزأها ويكره وقال القاضيان أبو الطيب وحسين لا يجوز والله أعلم وفي الحديث أيضا مشروعية الدعاء لمن فعل ما شرع له وتكرار الدعاء لمن فعل الراجح من الأمرين المخير فيهما والتنبيه بالتكرار على الرجحان وطلب الدعاء لمن فعل الجائز وإن كان مرجوحا .
1643 - قوله عن الحسن بن مسلم في رواية يحيى بن سعيد عن بن جريج حدثني الحسن بن مسلم أخرجه مسلم والإسناد سوى أبي عاصم مكيون وفيه رواية صحابي عن صحابي ومعاوية هو بن أبي سفيان الخليفة المشهور قوله عن معاوية في رواية مسلم أن معاوية بن أبي سفيان أخبره قوله قصرت أي أخذت من شعر رأسه وهو يشعر بأن ذلك كان في نسك إما في حج أو عمرة وقد ثبت أنه حلق في حجته فتعين أن يكون في عمرة ولا سيما وقد روى مسلم في هذا الحديث أن ذلك كان بالمروة ولفظه قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمشقص وهو على المروة أو رأيته يقصر عنه بمشقص وهو على المروة وهذا يحتمل أن يكون في عمرة القضية أو الجعرانة لكن وقع عند مسلم من طريق أخرى عن طاوس بلفظ أما علمت أني قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمشقص وهو على المروة فقلت له لا أعلم هذه إلا حجة عليك وبين المراد من ذلك في رواية النسائي فقال بدل قوله فقلت له لا الخ يقول بن عباس وهذه على معاوية أن ينهى الناس عن المتعة وقد تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولأحمد من وجه آخر عن طاوس عن بن عباس قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى مات الحديث وقال وأول من نهى عنها معاوية قال بن عباس فعجبت منه وقد حدثني أنه قصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بمشقص انتهى وهذا يدل على أن بن عباس حمل ذلك على وقوعه في حجة الوداع لقوله لمعاوية إن هذه حجة عليك إذ لو كان في العمرة لما كان فيه على معاوية حجة وأصرح منه ما وقع عند أحمد من طريق قيس بن سعد عن عطاء أن معاوية حدث أنه أخذ من أطراف شعر رسول الله صلى الله عليه وسلّم في أيام العشر بمشقص معي وهو محرم وفي كونه في حجة الوداع نظر لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لم يحل حتى بلغ الهدي محله فكيف يقصر عنه على المروة وقد بالغ النووي هنا في الرد على من زعم أن ذلك كان في حجة الوداع فقال هذا الحديث محمول على أن معاوية قصر عن النبي صلى الله عليه وسلّم في عمرة الجعرانة لأن النبي صلى الله عليه وسلّم في حجة الوداع كان قارنا وثبت أنه حلق بمنى وفرق أبو طلحة شعره بين الناس فلا يصح حمل تقصير معاوية على حجة الوداع ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان هذا هو الصحيح المشهور ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع وزعم أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان متمتعا لأن هذا غلط فاحش فقد تظاهرت الأحاديث في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلّم قيل له ما شأن الناس حلوا من العمرة ولم تحل أنت من عمرتك فقال أني لبدت رأسي وقلدت هديي فلا أحل حتى أنحر قلت ولم يذكر الشيخ هنا ما مر في عمرة القضية والذي رجحه من كون معاوية إنما أسلم يوم الفتح صحيح من حيث السند لكن