للمصلى أن يستحضر في هذا المحل جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين يعني ليتوافق لفظه مع قصده قوله فإنكم إذا قلتموها أي وعلى عباد الله الصالحين وهو كلام معترض بين قوله الصالحين وبين قوله أشهد الخ وإنما قدمت للاهتمام بها لكونه أنكر عليهم عد الملائكة واحدا واحدا ولا يمكن استيعابهم لهم مع ذلك فعلمهم لفظا يشمل الجميع مع غير الملائكة من النبيين والمرسلين والصديقين وغيرهم بغير مشقة وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلّم وإلى ذلك الإشارة بقول بن مسعود وأن محمدا علم فواتح الخير وخواتمه كما تقدم وقد ورد في بعض طرقه سياق التشهد متواليا وتأخير الكلام المذكور بعد وهو من تصرف الرواة وسيأتي في أواخر الصلاة قوله كل عبد لله صالح استدل به على أن الجمع المضاف والجمع المحلى بالألف واللام يعم لقوله أولا عباد الله الصالحين ثم قال أصابت كل عبد صالح وقال القرطبي فيه دليل على أن جمع التكسير للعموم وفي هذه العبارة نظر واستدل به على أن للعموم صيغة قال بن دقيق العيد وهو مقطوع به عندنا في لسان العرب وتصرفات ألفاظ الكتاب والسنة قال والاستدلال بهذا فرد من أفراد لا تحصى لا للاقتصار عليه قوله في السماء والأرض في رواية مسدد عن يحيى أو بين السماء والأرض والشك فيه من مسدد وإلا فقد رواه غيره عن يحيى بلفظ من أهل السماء والأرض أخرجه الإسماعيلي وغيره قوله أشهد أن لا إله إلا الله زاد بن أبي شيبة من رواية أبي عبيدة عن أبيه وحده لا شريك له وسنده ضعيف لكن ثبتت هذه الزيادة في حديث أبي موسى عند مسلم وفي حديث عائشة الموقوف في الموطأ وفي حديث بن عمر عند الدارقطني إلا أن سنده ضعيف وقد روى أبو داود من وجه آخر صحيح عن بن عمر في التشهد أشهد أن لا إله إلا الله قال بن عمر زدت فيها وحده لا شريك له وهذا ظاهره الوقف قوله وأشهد أن محمدا عبدة ورسوله لم تختلف الطرق عن بن مسعود في ذلك وكذا هو في حديث أبي موسى وبن عمر وعائشة المذكور وجابر وبن الزبير عند الطحاوي وغيره وروى عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال بينا النبي صلى الله عليه وسلّم يعلم التشهد إذ قال رجل وأشهد أن محمدا رسوله وعبده فقال E لقد كنت عبدا قبل أن أكون رسولا قل عبده ورسوله ورجاله ثقات إلا أنه مرسل وفي حديث بن عباس عند مسلم وأصحاب السنن وأشهد أن محمدا رسول الله ومنهم من حذف وأشهد ورواه بن ماجة بلفظ بن مسعود قال الترمذي حديث بن مسعود روى عنه من غير وجه وهو أصح حديث روى في التشهد والعمل عليه عند أكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم قال وذهب الشافعي إلى حديث بن عباس في التشهد وقال البزار لما سئل عن أصح حديث في التشهد قال هو عندي حديث بن مسعود وروى من نيف وعشرين طريقا ثم سرد أكثرها وقال لا أعلم في التشهد أثبت منه ولا أصح أسانيد ولا أشهر رجالا أه ولا اختلاف بين أهل الحديث في ذلك وممن جزم بذلك البغوي في شرح السنة ومن رجحانه أنه متفق عليه دون غيره وأن الرواة عنه من الثقات لم يختلفوا في ألفاظه بخلاف غيره وأنه تلقاه عن النبي صلى الله عليه وسلّم تلقينا فروى الطحاوي من طريق الأسود بن يزيد عنه قال أخذت التشهد من في رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولقننيه كلمة كلمة وقد تقدم أن في رواية أبي معمر عنه علمني رسول الله صلى الله عليه وسلّم التشهد وكفى بين كفيه ولابن أبي شيبة وغيره من رواية جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن وقد وافقه على هذا اللفظ أبو سعيد الخدري وساقه بلفظ بن مسعود أخرجه الطحاوي لكن هذا الأخير ثبت مثله في حديث بن عباس عند مسلم