السلام بمعنى السلامة كالمقام والمقامة والسلام من أسماء الله تعالى وضع المصدر موضع الاسم مبالغة والمعنى أنه سالم من كل عيب وآفة ونقص وفساد ومعنى قولنا السلام عليك الدعاء أي سلمت من المكاره وقيل معناه اسم السلام عليك كأنه تبرك عليه باسم الله تعالى فإن قيل كيف شرع هذا اللفظ وهو خطاب بشر مع كونه منهيا عنه في الصلاة فالجواب أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلّم فإن قيل ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب في قوله عليك أيها النبي مع أن لفظ الغيبة هو الذي يقتضيه السياق كأن يقول السلام على النبي فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي ثم إلى تحية النفس ثم إلى الصالحين أجاب الطيبي بما محصله نحن نتبع لفظ الرسول بعينه الذي كان علمه الصحابة ويحتمل أن يقال على طريق أهل العرفان إن المصلين لما استفتحوا باب الملكوت بالتحيات أذن لهم بالدخول في حريم الحي الذي لا يموت فقرت أعينهم بالمناجاة فنبهوا على أن ذلك بواسطة نبي الرحمة وبركة متابعته فالتفتوا فإذا الحبيب في حرم الحبيب حاضر فأقبلوا عليه قائلين السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته أه وقد ورد في بعض طرق حديث بن مسعود هذا ما يقتضى المغايرة بين زمانه صلى الله عليه وسلّم فيقال بلفظ الخطاب وأما بعده فيقال بلفظ الغيبة وهو مما يخدش في وجه الاحتمال المذكور ففي الاستئذان من صحيح البخاري من طريق أبي معمر عن بن مسعود بعد أن ساق حديث التشهد قال وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي كذا وقع في البخاري وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج والجوزقى وأبو نعيم الأصبهاني والبيهقي من طرق متعددة إلى أبي نعيم شيخ البخاري فيه بلفظ فلما قبض قلنا السلام على النبي بحذف لفظ يعني وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم قال السبكي في شرح المنهاج بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي صلى الله عليه وسلّم غير واجب فيقال السلام على النبي قلت قد صح بلا ريب وقد وجدت له متابعا قويا قال عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبي صلى الله عليه وسلّم حى السلام عليك أيها النبي فلما مات قالوا السلام على النبي وهذا إسناد صحيح وأما ما روى سعيد بن منصور من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلّم علمهم التشهد فذكره قال فقال بن عباس إنما كنا نقول السلام عليك أيها النبي إذ كان حيا فقال بن مسعود هكذا علمنا وهكذا نعلم فظاهر أن بن عباس قاله بحثا وأن بن مسعود لم يرجع إليه لكن رواية أبي معمر أصح لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه والإسناد إليه مع ذلك ضعيف فإن قيل لم عدل عن الوصف بالرسالة إلى الوصف بالنبوة مع أن الوصف بالرسالة أعم في حق البشر أجاب بعضهم بأن الحكمة في ذلك أن يجمع له الوصفين لكونه وصفه بالرسالة في آخر التشهد وإن كان الرسول البشرى يستلزم النبوة لكن التصريح بهما أبلغ قيل والحكمة في تقديم الوصف بالنبوة أنها كذا وجدت في الخارج لنزول قوله تعالى اقرأ باسم ربك قبل قوله يا أيها المدثر قم فأنذر والله أعلم قوله ورحمة الله أي إحسانه وبركاته أي زيادته من كل خير قوله السلام علينا استدل به على استحباب البداءة بالنفس في الدعاء وفي الترمذي مصححا من حديث أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كان إذا ذكر أحدا فدعا له بدأ بنفسه وأصله في مسلم ومنه قول نوح وإبراهيم عليهما السلام كما في التنزيل قوله عباد الله الصالحين الأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده وتتفاوت درجاته قال الترمذي الحكيم من أراد أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة فليكن عبدا صالحا وإلا حرم هذا الفضل العظيم وقال الفاكهانى ينبغي