أخذها فردها في مكانها ولأحمد من طريق بن جريج وإذا قام حملها فوضعها على رقبته قال القرطبي اختلف العلماء في تأويل هذا الحديث والذي أحوجهم إلى ذلك أنه عمل كثير فروى بن القاسم عن مالك أنه كان في النافلة وهو تأويل بعيد فإن ظاهر الأحاديث أنه كان في فريضة وسبقه إلى استبعاد ذلك المازري وعياض لما ثبت في مسلم رأيت النبي صلى الله عليه وسلّم يؤم الناس وامامة علي عاتقة قال المازري إمامته بالناس في النافلة ليست بمعهودة ولأبي داود بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلّم في الظهر أو العصر وقد دعاه بلال إلى الصلاة إذ خرج علينا وأمامة على عاتقه فقام في مصلاه فقمنا خلفه فكبر فكبرنا وهي في مكانها وعند الزبير بن بكار وتبعه السهيلي الصبح ووهم من عزاه للصحيحين قال القرطبي وروى أشهب وعبد الله بن نافع عن مالك إن ذلك للضرورة حيث لم يجد من يكفيه أمرها انتهى وقال بعض أصحابه لأنه لو تركها لبكت وشغلت سره في صلاته أكثر من شغله بحملها وفرق بعض أصحابه بين الفريضه والنافله وقال الباجي إن وجد من يكفيه أمرها جاز في النافلة دون الفريضة وأن لم يجد جاز فيهما قال القرطبي وروى عبد الله بن يوسف التنيسي عن مالك إن الحديث منسوخ قلت روى ذلك الإسماعيلي عقب روايته للحديث من طريقه لكنه غير صريح ولفظه قال التنيسي قال مالك من حديث النبي صلى الله عليه وسلّم ناسخ ومنسوخ وليس العمل على هذا وقال بن عبد البر لعله نسخ بتحريم العمل في الصلاة وتعقب بان النسخ لا يثبت بالاحتمال وبأن هذه القصة كانت بعد قوله صلى الله عليه وسلّم إن في الصلاة لشغلا لأن ذلك كان قبل الهجرة وهذه القصة كانت بعد الهجرة قطعا بمدة مديدة وذكر عياض عن بعضهم إن ذلك كان من خصائصه صلى الله عليه وسلّم لكونه كان معصوما من أن تبول وهو حاملها ورد بان الأصل عدم الاختصاص وبأنه لا يلزم من ثبوت الاختصاص في أمر ثبوته في غيره بغير دليل ولا مدخل للقياس في مثل ذلك وحمل أكثر أهل العلم هذا الحديث على أنه عمل غير متوال لوجود الطمأنينة في أركان صلاته وقال النووي ادعى بعض المالكية إن هذا الحديث منسوخ وبعضهم أنه من الخصائص وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل عليها وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى تتبين النجاسة والأعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت ودلائل الشرع متظاهرة على ذلك وإنما فعل النبي صلى الله عليه وسلّم ذلك لبيان الجواز وقال الفاكهاني وكان السر في حمله إمامة في الصلاة دفعا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول واستدل به على ترجيح العمل بالأصل على الغالب كما أشار إليه الشافعي ولابن دقيق العيد هنا بحث من جهة إن حكايات الأحوال لا عموم لها وعلى جواز إدخال الصبيان في المساجد وعلى إن لمس الصغار الصبايا غير مؤثر في الطهارة ويحتمل أن يفرق بين ذوات المحارم وغيرهن وعلى صحة صلاة من حمل آدميا وكذا من حمل حيوانا طاهرا وللشافعية تفصيل بين المستجمر وغيره وقد يجاب عن هذه القصه بأنها واقعة حال فيحتمل أن تكون إمامة كانت حينئذ قد غسلت كما يحتمل أنه كان صلى الله عليه وسلّم يمسها بحائل وفيه تواضعه صلى الله عليه وسلّم وشفقته على الأطفال وإكرامه لهم جبرا لهم ولوالديهم