قذف امرأته عند النبي بشريك بن سحماء .
فقال النبي البينة أو حد في ظهرك .
فقال يا رسول الله إذا وجد أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة .
وفي رواية أنه قال والذي بعثك بالحق إني لصادق ولينزلن الله تعالى ما يبرىء ظهري من الحد .
فنزل جبريل عليه السلام وأنزل عليه والذين يرمون أزوجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم 24 النور 6 حتى بلغ إن كان من الصدقين 24 النور 9 ا ه وهذه الآيات من سورة النور .
وأخرج الشيخان واللفظ للبخاري عن سهل بن سعد أن عويمرا أتى عاصم بن عدي وكان سيد بني عجلان فقال كيف تقولون في رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع سل لي رسول الله عن ذلك فأتى عاصم النبي فقال يا رسول الله وفي رواية مسلم فسأل عاصم رسول الله فكره رسول الله المسائل وعابها .
فقال عويمر والله لا أنتهي حتى أسأل رسول الله عن ذلك فجاءه عويمر فقال يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع فقال رسول الله قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبك .
فأمرهما رسول الله بالملاعنة بما سمى الله في كتابه فلاعنها ا ه .
فهاتان الروايتان صحيحتان ولا مرجح لإحداهما علىالأخرى ومن السهل أن نأخذ بكلتيهما لقرب زمانيهما على اعتبار أن أول من سأل هو هلال بن أمية ثم قفاه عويمر قبل إجابته فسأل بواسطة عاصم مرة وبنفسه مرة أخرى فأنزل الله الآية إجابة للحادثين معا .
ولا ريب أن إعمال الروايتين بهذا الجمع أولى من إعمال إحداهما وإهمال الأخرى إذ لا مانع يمنع الأخذ بهما على ذلك الوجه .
ثم لا جائز أن نردهما معا لأنهما صحيحتان ولا تعارض بينهما .
ولا جائز أيضا أن نأخذ بواحدة ونرد الأخرى لأن ذلك ترجيح بلا مرجح .
فتعين المصير إلى أن نأخذ بهما معا .
وإليه جنح النووي وسبقه إليه الخطيب فقال لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد ا ه .
ويمكن أن يفهم من الرواية الثانية أن آيات الملاعنة نزلت في هلال أولا ثم جاء عويمر فأفتاه الرسول بالآيات التي نزلت في هلال .
قال ابن الصباغ قصة هلال تبين أن الآية نزلت فيه أولا .
وأما قوله لعويمر إن الله أنزل فيك وفي صاحبتك فمعناه ما نزل في قصة هلال لأن ذلك حكم عام لجميع الناس .
وأما الصورة الرابعة وهي استواء الروايتين في الصحة دون مرجح لإحداهما ودون إمكان للأخذ بهما معا لبعد الزمان بين الأسباب فحكمها أن تحمل الأمر على تكرار نزول الآية بعدد أسباب النزول التي تحدثت عنها هاتان الروايتان أو تلك الروايات لأنه إعمال لكل رواية ولا مانع منه .
قال الزركشي في البرهان وقد ينزل الشيء تعظيما لشأنه وتذكيرا عند حدوث سببه خوف نسيانه ا ه